القلعة نيوز : عبر أستاذ اللغة واللسانيات الدكتور سعد مصلوح -الذي حل ضيفاً على برنامج "المقابلة"- عن تشاؤمه من الحال الذي وصلت إليه اللغة العربية اليوم، فهي في أزمة، وأولياء الأمور لا يشجعون أبناءهم على معرفتها والتزود من ثقافتها، وسوق العمل تلح على أهمية اللغة الأجنبية.
ورغم أن أزمة اللغة العربية مرتبطة بمستوى التعليم بوجه عام في العالم العربي فإن ضيف حلقة (2023/2/26) من برنامج "المقابلة" نفى أن تكون العربية عاجزة عن الخوض في المجالات التكنولوجية والتقنية كما يتهمها البعض.
وأشار إلى محاضرة كان قد ألقاها بعنوان "صعوبة العربية.. حقيقة أم وهم؟"، مبرزا أن هناك فرقا بين أن ترجع الصعوبة إلى طبيعة اللغة نفسها أو إلى مشكلات تعليمها أو إلى الموقف المجتمعي من تعليمها، وتساءل: هل النسق القواعدي في اللغة صعب ومعقد وغير متاح للتلقي والاستقبال؟ ليجيب مصلوح أنه حاول أن يثبت أن للغة العربية نظاما منطقيا جدا ويسيرا جدا، وأن في اللغات الأخرى ما هو أعقد، فمثلا حالات الإعراب في العربية 3 وفي اللغة الروسية 6، والصفة والموصوف في العربية من التوابع وفي الروسية لا.
وقال الخبير اللغوي إن العربية تنتمي إلى ما يسمونها لغات النسق الحر الذي يحتفظ بعلامات إعرابية تدل على الوظيفة اللغوية، يعني الرفع علامة الفاعلية، والنصب علامة المفعولية، والجر علامة الإضافة، أي أن هناك علامات ملفوظة تحدد الوظائف النحوية، وبالتالي تستطيع أن تقدم وتؤخر في الجملة العربية وتظل الوظيفة ذاتها، وهذه الأمور لا توجد في اللغة الإنجليزية التي قال الخبير في اللسانيات إنها تفتقد أيضا إلى جماليات النسق الحر الذي تتضافر فيه البلاغة مع النحو.
مدى عناية العرب بلغتهم
ولا يوافق أستاذ اللسانيات على أن اللغة العربية هي فقط لغة أدب وجمال وشعر، قائلا إن القضية تتعلق بمدى عناية العرب بلغتهم وبدور السلطة في الاهتمام بها، وكشف أنه كتب مقدمة لكتاب "معجم القراءات القرآنية" للأكاديمي والأديب المصري الدكتور عبد اللطيف الخطيب قال فيها "إن اللغة وحدها تستحق مؤتمر قمة عربيا".
وعن دور مجامع اللغة العربية في العناية باللغة العربية، أشار مصلوح -وهو عضو المجمع اللغوي الليبي- إلى أن هذه المجامع منذ نشأتها قامت بدور كبير في رعاية اللغة، سواء في العراق أو في سوريا أو في مصر وغيرها من الدول العربية، لكن أصابها ما أصاب المناخ العام.
يذكر أن مصلوح ولد في محافظة المنيا بصعيد مصر عام 1943 لوالد أغرم بالعلم ولم يغرم بالشهادات، حصل على شهادة الليسانس من كلية دار العلوم عام 1963 ونال منها أيضا درجة الماجستير بعد النكسة بعام واحد في دراسة صوتية للهجات أهل المنيا في ضوء الجغرافيا اللغوية.
ومن العاصمة الروسية موسكو نال شهادة الدكتوراه في اللسانيات متخصصا في الصوتيات المختبرية من معهد بلدان آسيا وأفريقيا في الجامعة، كما عمل سابقا أستاذا في عدد من الجامعات العربية.
وكان من أوائل الذين أدخلوا اللسانيات والأسلوبية الإحصائية كتخصص ضمن علوم اللغة، وله مؤلفات عدة مثل "في البلاغة العربية والأسلوبيات اللسانية"، وترجمات عديدة.