شريط الأخبار
الفايز: التقدم في أي دولة بوابته الأساسية التعليم الهيئة الخيرية ترد على ادعاءات موقع إلكتروني بلندن وتؤكد شفافيتها ودعمها لغزة زعماء العالم يهنئون بابا الفاتيكان الجديد إعلام إسرائيلي: ترامب يقرر قطع الاتصال مع نتنياهو الملك يبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي مع شركات من ولاية تكساس الكاردينال الأمريكي روبرت فرنسيس بريفوست بابا جديد للفاتيكان الملك يصل إلى تكساس في زيارة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية العين الساهرة تمنع أكثر من 105 آلاف جريمة مخدرات خلال 4 سنوات الأمير رعد بن زيد يرعى إطلاق مشروع "محاربة فقدان البصر في الأردن" الأردن يوقع مع ليسوتو بيان مشترك لإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين العيسوي يستقبل 400 من شيوخ ووجهاء وشباب ونساء من مختلف المحافظات اجتماع بالعقبة لبحث مستجدات مشروع ميناء الشيخ صباح لتأمين الغاز الطبيعي ولي العهد: رحلة مثمرة إلى اليابان ولي العهد يعقد عددا من اللقاءات الاقتصادية في طوكيو رئيس "النواب" يلتقي وفدا من مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية مكافحة المخدرات تحبط محاولة شخصين من جنسية عربية تصنيع مادة الكريستال المخدرة داخل الأردن الجيش يحبط محاولة تسلل وتهريب مخدرات من سوريا ولي العهد يبحث مع رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي توسيع التعاون الاقتصادي والتنموي العيسوي يرعى توقيع اتفاقيات لتنفيذ المرحلة الثانية لمبادرة عربات الطعام رئيس الوزراء يستقبل رئيس مؤسسة كونراد أديناور الألمانية

القاضي يكتب : تعريب قيادة الجيش العربي الأردني: محطة تاريخية في مسيرة الاستقلال والسيادة

القاضي يكتب : تعريب قيادة الجيش العربي الأردني: محطة تاريخية في مسيرة الاستقلال والسيادة
جميل سامي القاضي

في تاريخ الأردن الحديث، تبرز عملية تعريب قيادة الجيش العربي الأردني عام 1956 كواحدة من أبرز المحطات التي أعادت تشكيل هوية الدولة وسيادتها ، هذا القرار لم يكن مجرد تغيير إداري في هيكلية القوات المسلحة، بل كان تحولاً جوهرياً يعكس إرادة وطنية لتعزيز الاستقلال، وتحرير القرار الوطني من الهيمنة الأجنبية، وبناء مؤسسات قائمة على الكفاءة الوطنية
فبعد نهاية الحرب العالمية الأولى ، حيث فرضت بريطانيا انتدابها على شرق الأردن وخلال تلك الفترة، سيطر الضباط البريطانيون على المناصب العليا في الجيش العربي الأردني، كجزء من سياسة استعمارية تهدف إلى ترسيخ النفوذ البريطاني في المنطقة ، وعلى الرغم من حصول الأردن على استقلالها الرسمي في ٢٥ ايار من عام 1946، ظلت القيادات العسكرية البريطانية تُدير مفاصل الجيش، مما أثار استياءً وطنياً متزايداً.
فجاء قرار التعريب كخطوة نحو الاستقلال الكامل ففي الأول من آذار/ 1956، اتخذ الملك الراحل الحسين بن طلال قراراً جريئاً بطرد الضباط البريطانيين وتسليم قيادة الجيش إلى ضباط أردنيين.
جاء هذا القرار في سياق سياسة وطنية أوسع سعت إلى تقليص النفوذ الأجنبي، وتعزيز الثقة بالقدرات الوطنية ،فالتعريب لم يكن مجرد تغيير في التشكيلات القيادية، بل كان تحدياً صريحاً للهيمنة البريطانية، وإعلاناً بأن الأردن قادر على إدارة شؤونه الدفاعية بكفاءة.
لقي هذا القرار البطولي ترحيباً شعبياً اردنيا وعربياً واسعاً، حيث رأى فيه المواطنون خطوةً نحو استكمال السيادة الوطنية، خاصةً في ظل المد القومي العربي خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ، فقد مثَّل قرار التعريب امتداداً لحركات التحرر العربية، مثل ثورة يوليو 1952 في مصر التي أنهت النفوذ البريطاني ، ومقدمةً لأحداث كبرى مثل حرب السويس عام 1956، التي شكلت ضربةً للنفوذ الاستعماري في المنطقة.
فكان لهذا القرار أبعاد استراتيجية وسياسية
فقرار التعريب لم يكن حدثاً معزولاً، بل كان جزءاً من تحولات جيوسياسية عميقة شهدها الشرق الأوسط ، فبينما كانت بريطانيا وفرنسا تفقدان مواقعهما تدريجياً بعد الحرب العالمية الثانية، برزت حركات وطنية ترفض التبعية وتطالب بالاستقلال الكامل ، في هذا الإطار، ساهم قرار الأردن في تعزيز موجة التحرر العربية، وأرسى سابقةً لإمكانية تحقيق الاستقلال الفعلي عبر إحلال الكفاءات الوطنية مكان القيادات الأجنبية.

كما أكد القرار على الثقة المتبادلة بين القيادة الهاشمية الحكيمة والشعب الاردني ، حيث رأى المغفور له الملك الحسين في الضباط الأردنيين قدرةً على قيادة مؤسسة عسكرية ستكون حاميةً للوطن ورمزاً لوحدته ، ومنذ ذلك الحين، تحول الجيش العربي الأردني إلى رمز للفخر الوطني، ولعب دوراً محورياً في الدفاع عن أمن البلاد، سواء في مواجهة التحديات الخارجية أو في دعم الاستقرار الداخلي.
هذا وقد ترك قرار التعريب إرثاً مستمراً في الذاكرة الوطنية فبعد أكثر من ستة عقود، ما يزال الجيش الأردني يُعتبر أحد أركان الدولة الحديثة، وأحد أهم تجليات السيادة الأردنية.

كما أن هذه الخطوة الهاشمية المجيدة ساهمت في تعزيز الهوية الوطنية، وأثبتت أن الأردنيين قادرون على إدارة مؤسساتهم بمسؤولية وكفاءة، حتى في أصعب الظروف.

ختاماً، يظل تعريب قيادة الجيش العربي الأردني علامةً فارقةً في تاريخ الأردن الحديث، يمثل تجسيداً لإرادة شعب وقيادة في بناء دولة مستقلة ، وهو أيضاً شهادة على أن التحولات الكبرى لا تُصنع إلا بقرارات جريئة تضع مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.