شريط الأخبار
العيسوي يستقبل 400 من شيوخ ووجهاء وشباب ونساء من مختلف المحافظات اجتماع بالعقبة لبحث مستجدات مشروع ميناء الشيخ صباح لتأمين الغاز الطبيعي ولي العهد: رحلة مثمرة إلى اليابان ولي العهد يعقد عددا من اللقاءات الاقتصادية في طوكيو رئيس "النواب" يلتقي وفدا من مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية مكافحة المخدرات تحبط محاولة شخصين من جنسية عربية تصنيع مادة الكريستال المخدرة داخل الأردن الجيش يحبط محاولة تسلل وتهريب مخدرات من سوريا ولي العهد يبحث مع رئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولي توسيع التعاون الاقتصادي والتنموي العيسوي يرعى توقيع اتفاقيات لتنفيذ المرحلة الثانية لمبادرة عربات الطعام رئيس الوزراء يستقبل رئيس مؤسسة كونراد أديناور الألمانية وزارة الثقافة والهيئة العربية للمسرح توقعان مذكرة تعاون مشترك ولي العهد يلتقي رئيس الوزراء الياباني في طوكيو اجواء صيفية حتى الأحد الاتحاد الفلسطيني : مباراة فلسطين وعُمان ستقام في القويسمة الحكومة تعلن عن اطلاق 4 خطوط رابطة بين عمان والمحافظات وزير "اسرائيلي": سنفعل بايران ما فعلناه لغزة الاحتياطي الأجنبي يرتفع في الأردن لنحو 23 مليار دولار ساكاري وليس تفوزان في مستهل روما المفتوحة 100 شهيد في 24 ساعة بغزة مجمع الملك الحسين للأعمال يوقع اتفاقيتين لإنشاء فندق فئة رجال الأعمال وشقق فندقية

الطويل تكتب : الأنوثة المُستلَبة ثمن الانتصار المُزيَّف في معركة الهُويّات

الطويل تكتب : الأنوثة المُستلَبة ثمن الانتصار المُزيَّف في معركة الهُويّات
نسرين الطويل 🦋
في معركةٍ تُدار خلف أقنعة "المساواة"، تتحول المرأة إلى جنديٍّ في جيشٍ لم تُختر له، تحمل سلاحًا صاغته أيدي غيرها، وتخوض حربًا على أرضٍ لا تعرف اسمها. هنا، حيث يُختزل التحرر إلى مُحاكاةٍ عمياء لِقواعد لعبةٍ لم تُصنع لصالحها، تبدأ المأساة: تخلع جلدها، تتنازل عن أسرار كينونتها، وتُسلّم روحها لقوةٍ مستعارةٍ ظنًّا منها أنها ستحررها. لكن الحقيقة المُرة هي أنَّ انتصارها المُزيَّف لا يكسر القيود، بل يُعيد إنتاجها بدمٍ جديد… قيودٌ من ذهب، تُسمى "التقدُّم".

الساحة التي تدخلها المرأة وهي تظنها ساحة "المنافسة الشريفة"، هي في الحقيقة متاهةٌ من المرايا المُشوَّهة. كل خطوةٍ نحو محاكاة الذكورة تُبعدها أكثر عن ذاتها، وكل نجاحٍ في تقليد قواعد اللعبة يُحوّلها إلى سجَّانةٍ لأغلالها. الأنوثة هنا ليست مجرد صفة تُخلع، بل هي لغةٌ كونيةٌ قادرةٌ على خلق عوالم متوازية: حنانٌ يُذيب جليد العقلانية الجافة، حدسٌ يُنير طرقًا لم يخطها المنطق، وقوةٌ لا تحتاج إلى صراخٍ كي تُسمع. لكن حين تتنازل المرأة عن هذه اللغة، يفقد العالم قاموسًا كاملًا من الإمكانات، ويُحكَم عليه بالتكلس في سرديةٍ أحاديةِ البُعد.

الكارثة الأكبر ليست في أن تتحول المرأة إلى نسخةٍ باهتةٍ من الرجل، بل في أن النظام الذكوري نفسه ينتصر مرتين: الأولى حين يُجبرها على الاعتقاد بأن قيمتها تكمن في تشبُّهها به، والثانية حين تُصبِح هي حارسةً لهذا النظام، تُبرر قسوته باسم "التقدُّم". المساواة الحقيقية لا تعني أن تصعد المرأة إلى قمة الهرم الذكوري، بل أن تهدم الهرم نفسه، وتصنع عالمًا لا يُقاس النجاح فيه بمدى تشبُّهك بـ"الآخر"، بل بمدى قدرتك على أن تكون نفسك دون اعتذار.

لكن كيف تُحارب المرأة وهي مُجبَرةٌ على استخدام أسلحة عدُّوها؟ كيف تُعيد تعريف القوة وهي محشورةٌ بين خياريْن: إما أن تكون "ضعيفةً أنثوية"، أو "قويةً ذكورية"؟ الجواب يكمن في الثورة على السؤال نفسه. فالأنوثة ليست عكس الذكورة، بل هي كونٌ موازٍ لا يحتاج إلى مقارنة. حين تحتضن المرأة اختلافها، لا كعجزٍ يجب تعويضه، بل كرصيدٍ وجودي، تُولد قوةٌ من نوعٍ آخر: قوة تُعيد تشكيل المنظومة من جذورها، لا أن تتسلقها.

العالم اليوم يشهد أكبر عملية اغتيالٍ رمزي للأنوثة: اغتيالٌ يُرتكب ليس عبر الإقصاء، بل عبر التشويه. الأنوثة تُختزل إما في صورة الضحية الباكية، أو في صورة "المرأة الحديدية" التي تتفاخر بأنها "أقوى من الرجال". بينما جوهرها الحقيقي — ذلك المزيج المتفجّر من التناقضات: الرقة والشراسة، الحدس والعقل، الخلق والتدمير — يُطمس لصالح صورةٍ مُسطحةٍ تخدم النظام القائم.

الفقد هنا ليس فرديًّا، بل كونيّ. كل امرأة تُنكر نورها الداخلي كي تتوهج تحت مصابيح الآخرين، تُطفئ شمعةً في مولدِ عالمٍ كان يمكن أن يُضاء بتنوع ألوانها. التاريخ لا يتذكَّر أولئك الذين نجحوا في تقليد اللعبة، بل أولئك الذين غيّروا قواعدها. فالمرأة التي تحتضن أنوثتها بكل تعقيداتها لا تُحرر نفسها فحسب، بل تفتح بابًا لثورةٍ إنسانيةٍ يكون فيها "الضعف" مصدر قوة، و"الاختلاف" مصدر إثراء، و"الأنوثة" لغةً جديدةً لإعادة تعريف كل ما نعرفه عن القيادة، النجاح، والقوة.

ربما حان الوقت لكي ندرك أن المعركة الحقيقية ليست مع الرجل، بل مع الفكرة التي تجعلنا نعتقد أن التحرر يعني أن نكون مثله. الأنوثة ليست سجنًا يجب الهروب منه، بل مفتاحٌ لسجن العالم نفسه. فهل نجرؤ على أن نكون أبطال هذه الثورة؟ أم نظل ندور في حلقة المُحاكاة، نحسب الظلَّ نورًا، والقيودَ حرية؟