القلعة نيوز...
البدو مجموعات بشرية تسكن الصحراء أو البوادي، في نطاق جغرافي يتسم بقساوة المناخ ، تعتمد الحياة فيه على وفرة المياه بالدرجة الأولى ، وكلما تيسرت هذه المادة فيها الا و ازدهرت الحياة و اتسمت باليسر. و من الناحية الاجتماعية لديهم نظام محكم وقوانين صارمة تنظم علاقاتهم تتسم باحترام الآخر على صيغتين، تقدير الكبير سواء كان كبيرا في السن او كبيرا في المنصب و الطبقة الاجتماعية. والمستوى الثاني احترام الآخر بقدر عطاءه للقبيلة او القرية وتحليه بالشجاعة والاقدام و الكرم و كذا مستواه الفكري و الثقافي...
في العصور الحديثة و تحديدا بعد الثورة الفرنسية وانتصار روح العلم بعيدا عن القيم الدينية لدى الاوروبيين، ثم اندفاعهم نحو اراضينا فيما سموه بالكشوفات الجغرافية الكبرى بحثا عن الثروات الطبيعية ساهمت الثقافة الغربية بوابل من الكتابات والأفكار المغلوطة عن شعوبنا والذين وصمتهم ( بالبداوة ) بمعنى التخلف و الهمجية، حتى تبرر احتلالها لأراضينا بادعاء قيادتنا نحو الرقي والتقدم.. واستمرت معنا هذه الثقافة حتى تمكنت من قطاع كبير من شعوبنا خاصة من انتقلت حياتهم من الصحاري و القرى الى الحواضر و المدن. لكن مع ازدياد ضغوط الحياة العصرية ومتطلباتها المعقدة والتي في كثير منها لا تتسق مع اسلوب وروح الحياة البدوية العربية العريقة ، كما انكشاف أسرار الحياة العصرية التي ابتعدت عن الطبيعة والفطرة الإنسانية ، بدأ الحنين للماضي .. بساطة الحياة والعودة لحضن الطبيعة. بل صارت حياة البداوة مقصد عشاق الطبيعة من كل الدنيا .. الصحاري والبوادي واعالي الجبال بقساوة طبيعتها.. و وحشة فيافيها.. و رهبة أساطيرها التي تجعل النفس تفيض عشقا للحياة. للانطلاق.. للحرية .. للتحليق في ملكوت الكون بعيدا عن اكذوبة الحضارة الصناعية، المغشوشة التي سلبت الإنسان انسانيته، وجعلته في صراع متواصل مع نفسه والطبيعة والكون..
الحضارة ليست هي وسائل العيش المتطورة و الآلة التي جعلت بيننا وبين الطبيعة مسافات و حواجز. بيوتا معلقة في الهواء و أرضا تغطيها الأرصفة الاسمنتية.. ولقمة عيش مغلفة بأوراق ملونة ممسوخة الطعم و الريحة.. وازهار و ورود بلاستيكية..
الحضارة هي الإنسان و الطبيعه التي يسكن إليها وتسكن فيه.. الام الرؤوم التي تدغدغ مشاعره وتجعلها تفيض بالجمال ، بالحياة ، بالرقة ، وعقله بالحكمة.. المعزوفة الأبدية التي تطرب روح الإنسان و تملأها بالسكينة والسلام
الحضارة. إنها البداوة في أرقى تجلياتها..
نزهة الإدريسي
المملكه المغربية