د. ليث كمال نصراوين
وقد سبق لمجلس النواب الثامن عشر أن صوّت في عام 2020 على رد مشروع القانون المعدل بشكل كامل، ولم يقم حتى بإحالته إلى لجانه المختصة لدراسته وتقديم المقترحات القانونية بشأنه. وقد استند مجلس النواب في رده لمشروع القانون على المادة (77) من نظامه الداخلي لعام 2013 التي تنص بالقول «يقرأ أي مشروع قانون علنا في المجلس، إلا إذا رأى المجلس الاكتفاء بتوزيعه المسبق على الأعضاء، فإذا رأى المجلس أن هناك حاجة لذلك القانون يضع الرئيس في الرأي أمر إحالته على اللجنة المختصة، أما إذا قرر المجلس رفض القانون فيحيله إلى مجلس الأعيان».
بدوره، فقد وافق مجلس الأعيان على مشروع القانون المعدل مع إجراء بعض التعديلات على نصوصه وأحكامه، وقام بإعادته إلى مجلس النواب وفق أحكام الدستور. وهنا يثور التساؤل حول الصلاحيات التشريعية التي يملكها مجلس النواب على مشروع القانون المعدل لعام 2019 المقر من قبل مجلس الأعيان، والذي سبق له أن رفضه بالكامل، وما إذا كان المجلس المنتخب يملك الحق في أن يعيد النظر في قراره الأول برفض مشروع القانون، وأن يقوم بمناقشة بنود مشروع القانون والتعديلات التي أجراها مجلس الأعيان.
ومن خلال استعراض أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، نجد بأنه ينص في المادة (84/أ) منه بالقول «إذا أعاد مجلس الأعيان مشروع القانون مرفوضا فتجري المذاكرة به على نقطتين، فإما الموافقة على قرار مجلس الأعيان وإما الإصرار على قرار مجلس النواب السابق». وبإعمال مفهوم المخالفة في التفسير والتطبيق، فإنه في حال أعاد مجلس الأعيان مشروع القانون مقبولا، فإن مجلس النواب إما أن يصوت على الموافقة على قرار مجلس الأعيان بالقبول، أو الإصرار على قراره الأول برفض مشروع القانون.
وعليه، فإن صلاحيات مجلس النواب على مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني لعام 2019 قد انحصرت بالموافقة على مشروع القانون كما ورد من مجلس الأعيان، أو الإصرار على قراره السابق برفض المشروع بكامله. فإذا وافق مجلس النواب على مشروع القانون بحلته الواردة من مجلس الأعيان يتم رفعه إلى جلالة الملك للتصديق عليه، وفي هذه الحالة سيجري إقرار مشروع القانون كما صوّت عليه مجلس الأعيان المعين دون المجلس المنتخب.
إما إذا أصر مجلس النواب على رفض مشروع القانون المعدل لعام 2019 بكامله، فإنه سيعود إلى مجلس الأعيان الذي له الحق الدستوري في الإصرار على قراره السابق بقبول مشروع القانون أو بموافقة مجلس النواب على قراره برفض مشروع القانون برمته. فإذا جاء قرار مجلس الأعيان في المرة الثانية موافقا لقرار مجلس النواب برفض مشروع القانون، فإن مشروع القانون يعتبر بحكم المنتهي دستوريا.
أما إذا أصر مجلس الأعيان في المرة الثانية على قراره بقبول مشروع القانون المعدل لعام 2019، فسيتم الاحتكام إلى عقد جلسة مشتركة بين المجلسين وفق أحكام المادة (92) من الدستور، التي تفرض على المجلسين الاجتماع معا لبحث المواد المختلف فيها. وفي هذه الحالة، فإن الاختلاف لا يكون منصبا على بنود معينة في مشروع القانون، وإنما في تقرير مصيره بقبوله بحلته المعدلة من مجلس الأعيان أو برده بصورته الأصلية كما جاء من الحكومة.
إن الأحكام الدستورية ذات الصلة بتشكيل مجلس الأعيان الذي يتألف من أعضاء معينين لا يتجاوز عددهم نصف عدد النواب بما فيهم الرئيس واشتراط موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين لقبول مشروع القانون في الجلسة المشتركة، يرجح من فرص الأعيان في إقرار مشروع قانون التقاعد المدني المعدل لعام 2019 بحلته النهائية التي أقرها المجلس المعين على حساب موقف مجلس النواب المتمثل برد مشروع القانون.
إن الموقف السلبي الذي اتخذه مجلس النواب برد مشروع القانون برمته قد يلقي بظلاله سلبا على مصير مشروع القانون لصالح ترجيح كفة الأعيان على حساب المجلس المنتخب. فالنواب بردهم مشروع القانون قد فقدوا حقهم في مناقشة بنوده والتعديلات المقترحة عليها كما وردت من مجلس الأعيان، وأصبحوا ملزمين بالإصرار على قرارهم السابق بالرفض أو بقبول النسخة المقرة من مجلس الأعيان.
إن ممارسة مجلس النواب لحقه في رد مشروع القانون يجب ألا يكون عقابا له، وألا يتم حرمانه من ممارسة صلاحياته الدستورية في التشريع من خلال تقييده في المرة الثانية بعد عودة مشروع القانون إليه من مجلس الأعيان بالإصرار على قرار الرفض من عدمه، إذ يجب أن يثبت لمجلس النواب صلاحية الإصرار على القرار السابق، أو إعادة فتح مشروع القانون برمته في ضوء موافقة مجلس الأعيان عليه.
laith@lawyer.com
الراي
وقد سبق لمجلس النواب الثامن عشر أن صوّت في عام 2020 على رد مشروع القانون المعدل بشكل كامل، ولم يقم حتى بإحالته إلى لجانه المختصة لدراسته وتقديم المقترحات القانونية بشأنه. وقد استند مجلس النواب في رده لمشروع القانون على المادة (77) من نظامه الداخلي لعام 2013 التي تنص بالقول «يقرأ أي مشروع قانون علنا في المجلس، إلا إذا رأى المجلس الاكتفاء بتوزيعه المسبق على الأعضاء، فإذا رأى المجلس أن هناك حاجة لذلك القانون يضع الرئيس في الرأي أمر إحالته على اللجنة المختصة، أما إذا قرر المجلس رفض القانون فيحيله إلى مجلس الأعيان».
بدوره، فقد وافق مجلس الأعيان على مشروع القانون المعدل مع إجراء بعض التعديلات على نصوصه وأحكامه، وقام بإعادته إلى مجلس النواب وفق أحكام الدستور. وهنا يثور التساؤل حول الصلاحيات التشريعية التي يملكها مجلس النواب على مشروع القانون المعدل لعام 2019 المقر من قبل مجلس الأعيان، والذي سبق له أن رفضه بالكامل، وما إذا كان المجلس المنتخب يملك الحق في أن يعيد النظر في قراره الأول برفض مشروع القانون، وأن يقوم بمناقشة بنود مشروع القانون والتعديلات التي أجراها مجلس الأعيان.
ومن خلال استعراض أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، نجد بأنه ينص في المادة (84/أ) منه بالقول «إذا أعاد مجلس الأعيان مشروع القانون مرفوضا فتجري المذاكرة به على نقطتين، فإما الموافقة على قرار مجلس الأعيان وإما الإصرار على قرار مجلس النواب السابق». وبإعمال مفهوم المخالفة في التفسير والتطبيق، فإنه في حال أعاد مجلس الأعيان مشروع القانون مقبولا، فإن مجلس النواب إما أن يصوت على الموافقة على قرار مجلس الأعيان بالقبول، أو الإصرار على قراره الأول برفض مشروع القانون.
وعليه، فإن صلاحيات مجلس النواب على مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني لعام 2019 قد انحصرت بالموافقة على مشروع القانون كما ورد من مجلس الأعيان، أو الإصرار على قراره السابق برفض المشروع بكامله. فإذا وافق مجلس النواب على مشروع القانون بحلته الواردة من مجلس الأعيان يتم رفعه إلى جلالة الملك للتصديق عليه، وفي هذه الحالة سيجري إقرار مشروع القانون كما صوّت عليه مجلس الأعيان المعين دون المجلس المنتخب.
إما إذا أصر مجلس النواب على رفض مشروع القانون المعدل لعام 2019 بكامله، فإنه سيعود إلى مجلس الأعيان الذي له الحق الدستوري في الإصرار على قراره السابق بقبول مشروع القانون أو بموافقة مجلس النواب على قراره برفض مشروع القانون برمته. فإذا جاء قرار مجلس الأعيان في المرة الثانية موافقا لقرار مجلس النواب برفض مشروع القانون، فإن مشروع القانون يعتبر بحكم المنتهي دستوريا.
أما إذا أصر مجلس الأعيان في المرة الثانية على قراره بقبول مشروع القانون المعدل لعام 2019، فسيتم الاحتكام إلى عقد جلسة مشتركة بين المجلسين وفق أحكام المادة (92) من الدستور، التي تفرض على المجلسين الاجتماع معا لبحث المواد المختلف فيها. وفي هذه الحالة، فإن الاختلاف لا يكون منصبا على بنود معينة في مشروع القانون، وإنما في تقرير مصيره بقبوله بحلته المعدلة من مجلس الأعيان أو برده بصورته الأصلية كما جاء من الحكومة.
إن الأحكام الدستورية ذات الصلة بتشكيل مجلس الأعيان الذي يتألف من أعضاء معينين لا يتجاوز عددهم نصف عدد النواب بما فيهم الرئيس واشتراط موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين لقبول مشروع القانون في الجلسة المشتركة، يرجح من فرص الأعيان في إقرار مشروع قانون التقاعد المدني المعدل لعام 2019 بحلته النهائية التي أقرها المجلس المعين على حساب موقف مجلس النواب المتمثل برد مشروع القانون.
إن الموقف السلبي الذي اتخذه مجلس النواب برد مشروع القانون برمته قد يلقي بظلاله سلبا على مصير مشروع القانون لصالح ترجيح كفة الأعيان على حساب المجلس المنتخب. فالنواب بردهم مشروع القانون قد فقدوا حقهم في مناقشة بنوده والتعديلات المقترحة عليها كما وردت من مجلس الأعيان، وأصبحوا ملزمين بالإصرار على قرارهم السابق بالرفض أو بقبول النسخة المقرة من مجلس الأعيان.
إن ممارسة مجلس النواب لحقه في رد مشروع القانون يجب ألا يكون عقابا له، وألا يتم حرمانه من ممارسة صلاحياته الدستورية في التشريع من خلال تقييده في المرة الثانية بعد عودة مشروع القانون إليه من مجلس الأعيان بالإصرار على قرار الرفض من عدمه، إذ يجب أن يثبت لمجلس النواب صلاحية الإصرار على القرار السابق، أو إعادة فتح مشروع القانون برمته في ضوء موافقة مجلس الأعيان عليه.
laith@lawyer.com
الراي