شريط الأخبار
السفير الخطيب يقدم أوراق اعتماده لرئيسة مقدونيا الشمالية وزير الأوقاف: تفويج الحجاج الى عرفات مستمر حتى منتصف الليل عروض "الدرون" تزيّن سماء عمّان مساء الخميس مدير الأمن العام يقلّد كبار الضباط رتبهم الجديدة وفد نيابي يشارك بمؤتمر العمل الدولي في جنيف الرواشدة : الهيئات شريك أساسي بتطوير الصناعات الثقافية في لواء بني كنانة رئيس الوزراء يستقبل المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة " الفاو" الملك يتبادل التهاني هاتفيا مع سلطان عُمان بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى مندوبا عن الملك وزير التربية يكرم الفائزين بجائزة الملك عبدالله الثاني للياقة البدنية يوم عَرَفة.. دعوات بأن يحفظ الله الأردن وينهي مأساة فلسطين وغزة الدفاع المدني يتعامل مع 1485 حادثاً متنوعاً خلال 24 ساعة "العمل" : تمديد فترة استفادة العمالة السورية من الإعفاءات العيسوي يلتقي وفدا من جامعة عمان العربية وشبابا من محافظة الكرك الملك يغادر إلى إسبانيا في مستهل جولة عمل أوروبية رئيس هيئة الأركان المشتركة يستقبل السفير الصيني في عمان الملك يستقبل وفد منظمة "الفاو" ويتسلم ميدالية أجريكولا الملكة: ما أشبه اليوم بالأمس الإفتاء: عدم جواز ذبح الأضاحي في الساحات العامة والشوارع إسرائيل تستهدف سطح مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح السماح باستيراد عدد من السلع الصناعية من سوريا

القضاه تكتب : خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني: صرخة وطنية تُعيد تشكيل خريطة الولاء في زمن العواصف

القضاه تكتب : خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني: صرخة وطنية تُعيد تشكيل خريطة الولاء في زمن العواصف
ميس القضاه
في يومٍ اختلطت فيه رموز التحدي بوهج الإرادة، جاء جلالة الملك عبدالله الثاني أمام كوكبة من رجالات الأردن الذين أقسموا يومًا أن يدفعوا بأرواحهم ثمنًا لتراب الوطن، ليُلقي خطابًا يُعيد تعريف معنى الانتماء في زمنٍ يحاول البعض تسويق الخيانة على أنها رأيٌ حر. لم تكن الكلمات مجرد حروفٍ تُلقى على مسامع الحضور، بل كانت شفراتٍ تُفكك مؤامراتٍ تُحاك في الظلام، وتُعيد بناء جدارٍ وطنيٍ يَصُمُّ آذانَ كل من تسوّلت له نفسه الانسياق وراء أوهام الاختراق.

عقب عودة جلالته من جولةٍ دبلوماسية حامية الوطيس في واشنطن، حيث وضع العالمَ أمام مرآة حقيقته: "سياسات الأردن ليست سلعةً تُُساوم"، جاء اللقاء مع المتقاعدين العسكريين ليكونَ الفصلَ الأخيرَ في سردية الرفض القاطع. ثلاث كلمات اختزلت فلسفة الأردن الوجودية: لا للتهجير، لا للتوطين، لا للوطن البديل. لم تكن هذه اللاءات مجرد ردودٍ على ضجيج الخارج، بل إعلانًا بأن القدس ليست حجرًا في حائط التفاوض، بل هي قضيةٌ تُشكّل جزءًا من هوية الأردن التي لا تُقاس بثمن. هنا، تحول الخطاب من دفاعٍ عن الحق الفلسطيني إلى حربٍ وقائيةٍ ضد كل من يظن أن الجغرافيا الأردنية ساحةٌ مفتوحةٌ للمساومة.

لكن الرسالة الأكثر قسوةً كانت في كشف جلالته عن "السرطان الخفي" الذي ينخر في جسد الوطن: **"للأسف في ناس بتأخذ أوامر من الخارج". لم تكن كلمة "أوامر" مُختارةً عبثًا؛ فهي تشريحٌ دمويٌ لخلايا تعمل بموجب بروتوكولات أجنبية، تهدف إلى تحويل الأردن إلى رقعة شطرنجٍ في لعبة الأمم. الملك هنا لم يعد يلعب دور المُحذر، بل أصبح الجراح الذي يقطع بلا تردد كل ورمٍ يهدد النسيج الوطني. خطابه حوّل كل مواطنٍ إلى جندي في معركة الوجود، وكل صمتٍ إلى خيانة، وكل شكوى إلى سلاح.

في الوقت الذي وقف فيه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني شاهدًا على انتقال راية الولاء بين الأجيال، استحضر جلالة الملك روح الجيش الأردني عبر رجاله المتقاعدين: "جاهزون لارتداء الزي العسكري والوقوف إلى جانبي"
لم يكن الحديث عن "الفوتيك" مجرد استعادةٍ لذكريات الماضي، بل تأكيدٌ أن روح الجيش لم تُدفن مع تقاعد رجاله، بل تسري في عروق كل حجرٍ وطفلٍ في هذا الوطن. الحضور القوي لرؤساء الأجهزة الأمنية إلى جانب المتقاعدين كان رسالةً ناريةً للعدو: الأردن جيشٌ بلا نهاية، وشعبٌ بلا خيانة.

وسط هذا الزخم من التحذيرات، أطلق جلالته رسالةَ أملٍ كسرت حدة التوتر: أنا متفائل وربنا بحب البلد"
تفاؤلٌ لا يعيش على أوهام، بل يُقاتل بسيف العمل؛ فالأردن الذي صنعته دماء الشهداء لن تهُزه رياح المؤامرات. هذا الإيمان لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج رجالٍ عرفوا معنى أن تُخلع "الفوتيك" من الأجساد لتبقى مُعلقةً في الأرواح.

الخطاب وضع الخريطة على الطاولة: الثوابت خط أحمر، والاختراقات جريمة، والجيش روحٌ لا تموت. لكن السؤال الذي يُطارِد كل أردني الآن: مَن سيكون حارس هذه الخريطة؟ الجواب يبدأ بتحويل الكلمات إلى دماء تسري في جسد الوطن. فاليقظة لم تعد خيارًا، بل فرضٌ على كل من يُريد أن ينام على سريرٍ آمن. الإعلام مطالبٌ بأن يكون جنديًا لا منصةً للإشاعات، والشباب عليهم أن يحملوا راية الثوابت في عالمٍ افتراضيٍ يبيع الأوهام. الأهم من كل ذلك، أن تتحول "اللاءات الثلاث" إلى طقس يوميٍ يُمارسه المواطن في أبسط تفاصيل حياته: في رفضه للإشاعة، في إبلاغه عن شبهة، في دفاعه عن قدسية الأرض.

هكذا يستمر الأردن كتابة تاريخه: ليس بالشعارات، بل بدماء الرجال الذين يعرفون أن التقاعد لا يمحو يمين الولاء. الخطاب كان البداية، لكن المعركة الحقيقية تبدأ عندما يتحول كل أردني إلى "فوتيك" واقٍ لتراب الوطن، وإلى صاحب قرارٍ يرفض أن يكون أداةً في يد الخارج. هنا، حيث يُصبح الشعب جيشًا والقائد رمزًا، لن تنجح كل مؤامرات العالم في كسر إرادة وطنٍ قرر أن يبقى شامخًا.. كالجيش.. كالملك.. كالشعب