شريط الأخبار
ترحيب عربي ودولي واسع بخارطة الطريق الأردنية السورية الأميركية بشأن السويداء الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على إسرائيل السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك سفيرة الأردن في المغرب تستقبل نائبة رئيس مجلس جهة فاس / مكناس خديجة حجوبي الأردن يشارك في الاجتماع التنسيقي العربي للقمة العربية الروسية الأردن يدين فتح سفارة لجمهورية فيجي في القدس 3 شهداء في غارة لمسيّرة إسرائيلية على البقاع اللبناني البابا: أعرب عن قربي من الشعب الفلسطيني في غزة الأردن وقطر: شراكة متجددة بإرادة سياسية ورؤية اقتصادية مشتركة وزير الزراعة: "المهندسين الزراعيين" شريك استراتيجي في تحديث القطاع جامعة البلقاء التطبيقية تحصد المركز الأول في هاكاثون "نبتكر لسلامة الأغذية" بالرياض عبر مبادرة Basket of Life ريال مدريد يخسر خدمات أرنولد لفترة طويلة الأسواق العالمية في حالة ترقب.. استقرار الأسهم وتراجع الذهب قبل قرار الفيدرالي الأمريكي بوتين يمدد العقوبات المضادة المفروضة على الدول غير الصديقة حتى نهاية عام 2027 الأهلي المصري يصدر بيانا حاسما بعد انتشار إشاعات "طلب زيزو" المثير للجدل وزير روسي: اقتصادنا سينمو رغم أسعار الفائدة المرتفعة "لن نسمح بتمزيق أمريكا": لماذا يسعى ترامب لمحاكمة سوروس؟ مبابي يكشف سر فوز ريال مدريد على مارسيليا 118 مليون دينار حجم التبادل التجاري بين الأردن وقطر الصحة: ارتفاع عدد حالات التسمم بين الطلاب في إربد إلى 42

مساعده يكتب: بين الطوفان والأمان.. القيادة تصنع الفرق

مساعده يكتب: بين الطوفان والأمان.. القيادة تصنع الفرق
القلعة نيوز _ كتب: جهاد مساعده
عندما نقرأ قصة نبي الله نوحٍ عليه السلام، يتبادر إلى أذهاننا الطوفان العظيم الذي أغرق الأرض وأهلك الظالمين، فلم ينجُ منه إلا من حملهم نوحٌ في سفينته. لكن هل تساءلنا يومًا عن الطوفان الذي يمر به كل إنسانٍ في حياته؟
في الحقيقة، لكلٍّ منا طوفانه الخاص. قد لا يكون ماءً يغمر الأرض، لكنه قد يكون طوفانًا من الابتلاءات، من الخذلان، أو حتى من الضغوطات التي تجرف معها الأمان والطمأنينة. تمرّ بنا أيامٌ نشعر فيها أن الأمواج تتلاطم فوق رؤوسنا، وأن قاربنا الصغير على وشك الغرق. قد يكون الطوفان في صورة أزمةٍ صحيةٍ أو ماليةٍ، أو في انهيارِ حلمٍ لطالما سعينا خلفه.

لكن هناك طوفانًا آخر، أشد خطرًا، يهدد الأوطان: طوفان الفوضى والضياع، طوفان فقدان الهوية والانتماء، طوفان الفساد الذي ينخر في جسد الأمة، وطوفان الاستهتار بمقدرات الوطن وعدم إدراك قيمته. وكما أن لكل طوفانٍ سفينةَ نجاة، فإن سفينة الأوطان تكمن في وعي أبنائها وإخلاصهم وانتمائهم الحقيقي، وإيمانهم بأن الوطن ليس مجرد رقعةٍ جغرافية، بل وطنٌ نابضٌ بالحياة، يحتاج إلى من يحميه ويعمل على رفعته.

وهنا تأتي أهمية القيادة الحكيمة، فكما كان نوحٌ عليه السلام قائدًا لسفينته، يتحلى بالحكمة والصبر، فإن الأوطان بحاجةٍ إلى قيادةٍ واعيةٍ قادرةٍ على مواجهة الطوفان، قيادةٍ ترى أبعد من الموج الهادر، وتضع نُصبَ عينيها مستقبل الأمة، لا المصالح الضيقة. القيادة الحقيقية لا تتخلى عن شعبها في الأزمات، بل تكون درعًا له، تخطط بحكمة، وتواجه التحديات بإصرار، وتبني سفينة النجاة بحسن التدبير والرؤية السديدة.

لكن لا يمكن للسفينة أن تنجو إذا كانت مثقوبة، وهنا يأتي الحديث عن المؤسسات التي أُوكل مصيرها إلى غير أهلها، فتحولت إلى عبءٍ بدل أن تكون جزءًا من الحل. فكم من مؤسسةٍ، بدلاً من أن تكون رافعةً للوطن، أصبحت سببًا في غرقه؟ مؤسساتٌ تُدار بالعشوائية، وبالأشخاص غير الأكفاء، الذين لا يملكون رؤيةً ولا مسؤولية، فتتحول إلى ثقوبٍ تنخر في جسد الوطن وتسرّع من غرقه.

الطوفان لا يميز بين قويٍّ وضعيف، وبين غنيٍّ وفقير، فهو يجرف كلَّ من لم يكن مستعدًا له. وهكذا هو الحال مع المؤسسات التي تُسلَّم لمن لا يفقه في إدارتها شيئًا، فتنهار أمام أول أزمة، وتتحول إلى عبءٍ على الدولة والمجتمع. فكم من مؤسساتٍ اقتصاديةٍ أُديرت بجهلٍ فأفلست؟ وكم من مؤسساتٍ تعليميةٍ أو شبابيةٍ فقدت رسالتها، فتحولت إلى مصانع تُخرّج العاطلين عن العمل، بدل القادة والمبدعين؟ وكم من مؤسساتٍ خدميةٍ تركت المواطن وحيدًا يواجه أمواج المعاناة دون أن تمد له يد العون؟

كلُّ وطنٍ يمرّ بطوفانه الخاص، ولكن الفرق يكمن في قدرة أبنائه على الصمود، وفي وجود قيادةٍ حكيمةٍ تضع لهم الطريق الصحيح، وتنقذ البلاد من الغرق في بحار الفتن والتحديات. ولكي ينجو الوطن، لا يكفي أن تكون القيادة قويةً، بل لا بد أن تكون المؤسسات سليمة، قائمةً على الكفاءة والنزاهة والشفافية، قادرةً على حمل الوطن إلى بر الأمان، بدلًا من أن تكون حملاً ثقيلًا عليه.

فمتى ما اجتاحت الأزمات وطنك، لا تكن ممن يقف متفرجًا، ولا ممن يغرقه اليأس. كن ممن يبني السفينة، ممن يحمل وطنه على كتفيه، ويساند قيادته الحكيمة، ويسعى لإصلاح مؤسساته، لأن الوطن، يا سادة، ليس راتبًا نتقاضاه من وظيفة، ولا فندقًا نغادره وقتما نشاء، بل هو شرفٌ وعزٌّ وكبرياء، هو وطنٌ ولاءٌ وانتماءٌ وعطاء، فلا نامت أعينُ الجُبناء.