
القلعة نيوز:
منذ اندلاع الحرب على غزة، شهد الأردن حراكًا شعبيًا واسعًا يعكس تضامنًا عميقًا مع الشعب الفلسطيني. خرجت المسيرات في مختلف أنحاء المملكة حاملة شعارات تندد بالعدوان الإسرائيلي، وتطالب بوقف الحرب ودعم المقاومة. لكن مع تصاعد هذه الفعاليات، برزت تساؤلات حول ما إذا كانت بعض المسيرات قد انحرفت عن هدفها الأساسي - دعم غزة - لتتحول إلى منصة لأجندات أخرى أو توترات داخلية.
الأردن، بموقعه الجغرافي والسياسي الحساس، يتبنى موقفًا رسميًا داعمًا للقضية الفلسطينية، حيث قدم مساعدات إنسانية وإغاثية ومستشفيات ميدانية، إلى جانب تحركات دبلوماسية للضغط من أجل وقف العدوان. في المقابل، عبّر الشارع الأردني عن غضبه من استمرار الحرب عبر مظاهرات حاشدة، خاصة في محيط السفارة الإسرائيلية بعمان، رافعًا شعارات مثل "غزة ليست وحدها" و"الأردن سند غزة".
لكن مع مرور الوقت، لاحظ البعض أن بعض هذه المسيرات شهدت هتافات ومطالبات تتجاوز دعم غزة، لتصل إلى انتقادات حادة للسلطات أو دعوات لفتح الحدود، مما أثار جدلاً حول مدى انحرافها عن مسارها الأصلي.جاءت هذه التطورات نتيجة استغلال بعض التيارات النشطة على الساحة الأردنية لهذا الحراك لتصفية حسابات سياسية داخلية أو للضغط على الحكومة، التي تسعى للموازنة بين دعم القضية الفلسطينية وحماية الاستقرار الداخلي.
فعلى سبيل المثال، رصدت تقارير شعارات غير مسبوقة في بعض التظاهرات، اعتبرتها السلطات مقلقة لأنها قد تهدد الوحدة الوطنية أو تسعى لجر الأردن إلى صراعات أوسع. في المقابل، يرى مؤيدو هذه المسيرات أنها تعبير طبيعي عن الغضب والإحباط إزاء ما يحدث في غزة، وأن أي تغيير في الخطاب يعكس ديناميكية الحدث نفسه.
ونؤكد هنا أن القيادة الهاشمية والجيش العربي والأجهزة الأمنية خط أحمر لا يجوز التطاول عليها أو النيل من مواقف الأردن الثابتة التي شهد لها القاصي والداني. فواجب الدولة، في ظل الأزمات والصراعات التي تشهدها المنطقة، هو الحفاظ على أمنها واستقرارها وحماية شعبها. وعندما يتعلق الأمر بأمن الأردن وسيادته، فلا أولوية تتقدم على مصلحة الوطن، وهذا أمر ثابت لا نقاش فيه.
وفي هذا السياق، نستذكر الرسالة الملكية الواضحة التي وجهها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه بثلة من رفاق السلاح في الديوان الملكي الهاشمي بمناسبة يوم الوفاء للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدامى، كانت الرسالة موجهة لكل من يحاول التشكيك في مواقف الأردن أو النيل منها، مؤكدة أن الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الوفي، لن يقبل المساس بحقوق الشعب الفلسطيني أو التفريط في ثوابته الوطنية.
هذا الموقف ليس جديدًا، بل هو امتداد لتاريخ طويل من الدعم الأردني للقضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الأشقاء في فلسطين، وأشار جلالته يومها إلى وجود جهات داخلية تتلقى أوامرها من الخارج، واصفًا ذلك بأنه "عيب عليهم"، هذا التعبير يحمل استياءً شديدًا من تلك الفئات التي ترتهن إرادتها للخارج وتعمل ضد مصلحة الوطن. فالولاء للأردن يجب أن يكون مطلقًا، غير قابل للمساومة أو الارتهان لأي جهة.
نقولها بكل وضوح: من يسعى لخلق فوضى داخلية أو تشويه صورة الدولة الأردنية باسم المقاومة، إنما هو أداة تخدم مشروعًا معاديًا لأمن الأردن واستقراره.
فالتضامن الأردني مع غزة يظل ركيزة أساسية في هوية المملكة، لكن نجاح هذا التضامن يتطلب توجيه الجهود نحو أهداف واضحة، بعيدًا عن أي انحراف قد يضعف الرسالة أو يشتت الجهود في وقت تحتاج فيه غزة إلى صوت موحد وقوي.
اخيرا حمى الله الاردن قيادة و وطنا وشع