
الأحداث تتسارع...
القلعة نيوز -
هذه الكلمات هي للتأكيد على ان هذه الوحشية هي فلسفة هذه الفئة من البشر وطريقتهم في التعامل مع الأخر، وأن لا طريق للمقاومتها إلا بالصمود والصبر على كل هذا الأذى حتى يصل إلى نقطة إنكساره، والتي تبدو الأن أقرب بكثير من ذي قبل، ولكن الضريبة مؤلمة.
في ضوء الاحداث المتسارعة في المنطقة إلى أين نتجه، الملفات تزداد غموضا، وحجم الضغط الشعبي الذي يتعرض له الأقليم يتصاعد بشكل كبير، نعم هناك أطراف فاعلة، وهناك أطراف تتعرض للفعل، ولكن لا ننسى بأن لكل فعل رد فعل، وأن القيام بأي فعل يتطلب جهدا واستعدادا وتضحية وموازنة.
وهنا نتكلم عن موازنات ضخمة استنزفت الإقليم في هذه الحرب، وليس فقط الإقليم ولكن الأطراف المشاركة، ونحن نسمع يوميا بأن طائرات تحمل كل شيء تحط في هذا الكيان من الداعمين الأساسيين له، للقيام بالعمل القذر عن الغرب كما صرح المستشار الألماني.
في قناعتي ليس هناك في الحرب منتصر، وإن كان هناك ظاهريا منتصر، وهنا نحن نتطرق للخسائر والمكاسب المباشرة والغير مباشرة، حيث تقف قدرة كل طرف على الصمود والتحمل، وما تزال قصة فيتنام وهوشي منه وفام فان دونغ، والقدرة على التحمل برغم الألم والتضحية والخسائر، للوصول إلى النتيجة التي ينكسر فيها أحد الطرفين، حاضرة في التاريخ المعاصر، وكيف ينتصر الصمود والصبر على التضحية والألم على أعتى واشرس واكثر امبراطورية متوحشة عرفها التاريخ القديم والحديث.
هل الحرب لعبة سياسية او صفقة عند البعض مثل النتن ياهو وترامب، هذا يسعى لفرض رؤية معينة او واقع سياسي او هيمنة من نوع ما، وهذا اليمين المتطرف في الكيان وامريكا، يتعامل مع كل التضحيات التي تقدم من الطرفين وفق هذا الأساس، هذه الحرب وضعت الكيان على الحافة في كثير من النقاط الحيوية والحياتية، وحتى ديمومته وتاريخه والنظره له من القريب والبعيد والعدو والصديق، وكم غيرت مواقف واشخاص من هنا إلى هناك.
اليوم يتعرض الكيان وقدرته على الإستمرار لمخاطر كبيرة، ولكن القيادة السياسية المتشددة اليمينية. المتطرفة تسير وفق رؤية معينة، وتريد فرض هذا الواقع على المنطقة، ولا تنظر للخسائر التي وقعت وتقع، او حتى تقوم بحساب الخسائر التي من الممكن أن تؤثر على مستقبل الكيان وديمومته ، وقدرته على الإستمرار قبل تقدير ما تقوم به للأخر، او حتى وفق نظرة قيادة حكيمة وحصيفة حريصة على مصلحة المجموع وخسائر المجموع، كما كانت قيادته السابقة، تراعي وحدة الكيان والصف الغربي في أفعالها، وان كان الهدف واحد للطرفين، وهذه هي تريد تحقيق مكاسب على المستوى العام للكيان، ولكنها تدفع الكيان للحدود القصوى في كل شيء، وهذا سيكون له عواقب وخيمة.
الحرب لا تلعب بالأقدام ولا بالعقول ولا بالعواطف، بل بالحيوات والأرواح، يقول سن تزو الحكيم الصيني والخبير الذي ما زالت افكاره تدرس منذ القرن السادس قبل الميلاد إلى اليوم، " الحرب عمل بالغ الأهمية، إنها مسألة حياة او موت، طريق إلى النجاة او الفناء، يجب أن تدرس بعناية" انك تستطيع ان تأخذ القرار بدخول الحرب، ولكن كما قال هت لر أنت تدخل غرفة مظلمة لا تعرف ما فيها، وما الذي ينتظرك، ولا كيف ستخرج، ويقول تزو" القائد الحكيم يتأنى في دخول الحرب، ويسعى لتجنبها إن استطاع، ولكنه إن دخلها ضرب بقوة تنهيها بسرعة".
لماذا لأن الحرب تستنزف كل شيء، وتأخذ كل قوتك ومالك وعقلك، وتجعلك رهين خياراتها واسيرها، فإذا لم تكن حرب سريعة حاسمة فهي حرب إستنزاف، وهذا الحكيم يشدد على أنه ليس من الحكمة ان تدخل حرب إستنزاف، يجب ان تعرف قدراتك وقدرات عدوك، ولا تعتمد على القوة العمياء في اتخاذ الموقف، ويجب أن تتجنب الحرب المتكافأة بالإيهام والخداع بالقوة تارة وبالضعف تارة، ولكن لا تخضع ابدا لحرب إستنزاف.
هل هناك فرق بين المدرسة الشرقية والغربية في النظر إلى الحرب، كلاوزفيتز الألماني والمنظر للحرب في الغرب و سن تزو الصيني الشرقي الذي يرى الحرب فن من فنون القيادة والسيطرة والسياسة، والغربي يراها إمتداد للسياسة، الشرقي يسعى إلى تحقيق ما يريد بدون الدخول في الحرب حتى لو كان هناك تنازل ان أمكن، والغربي يراها فرض للإرادة على العدو بالانتصار العنيف إن تطلب الأمر، بصرف النظر عن الخسائر عند الطرفين، وبصرف النظر عن النتائج التي سوف تتحق، حتى وإن كان أقل من التي سوف تتحق عن طريق عدم الخوض فيها أصلا، لأن الهدف الأساسي عند الغربي هو فرض السيطرة والهيمنة، والشرقي يتوجه للحرب ولكنه لا يخضع لها، والغربي يراها جوهر السياسة ومصدرها ومبرر وجودها.
هل تدرك الفرق بين ان تكون الحرب احتكاك عنيف، و وتصادم مطلق بين إرادتين تسعى احدهما لإخضاع الأخرى، وبين ان تكون سعي إلى التوازن ونوع من المناورة لتحقيق الأهداف بأقل الخسائر بين الطرفين وببعض التنازلات.
هنا تصطدم حضارتين، حضارة تنظر إلى الكون عبر فلسفة طاوية " الطاو هو الطريق" وتسعى لأن ترى الإنسجام والتناغم في كل شيء، وتعود إلى الطبيعة والتلقائية في النظر إلى الأحداث، وبين نظرة غربية هيجلية ترى التاريخ صراع جدلي وتطور في الصراع والجدلية، وان التغيير يحدث عبر صراع المتناقضات، والسلطة هي الروح، وهي التجلي الحقيقي للعقل، الذي يتحقق عبر السلطة المطلقة وهي الدولة، بينما ترى الطاوية انه كلما زات سلطة الدولة زاد الخلل، وان الحركة في الحياة يجب ان تكون مرنة وناعمة ولا تستطيع ان تلاحظها، هل هناك اكثر صبرا من الصينين في الوصول إلى الهدف عبر التغيير الهادىء، وهل هناك اكثر وحشية وقسوة من الغرب المتوحش، الذي رأيناه على حقيقته في حربه الأخيرة على غزة.
ابراهيم ابو حويلة...