شريط الأخبار
ترامب: عقدت اجتماعا بناء للغاية مع ممداني السفير الايراني لدى السعودية يكشف تفاصيل رسالة بزشكيان إلى بن سلمان قبل زيارته واشنطن صورة لافته للوزير الرواشدة مع الطفل الثوابي ترامب يريد من أوكرانيا قبول خطة واشنطن للسلام بحلول الخميس "السفير القضاة ": نجاح كبير للملتقى الأردني-السوري للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوتين: الخطة الأميركية لأوكرانيا يمكن "أن تشكل أساسا لتسوية نهائية" للنزاع الأمم المتحدة: استشهاد 67 طفلاً في غزة منذ وقف اطلاق النار الحملة الأردنية الإغاثية توزع وجبات أرز ولحم على النازحين جنوب غزة خبراء يحذرون من تداول المعلومات عبر التواصل الاجتماعية دون تحري الدقة ترامب يستقبل ممداني مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يشارك في تشييع جثمان الوزير والعين والنائب الأسبق جمال حديثه الخريشا وزير الخارجية السنغافوري: سنعترف بالدولة الفلسطينية في الوقت المناسب الحاج توفيق: تحسن في سوق سوريا وفرص واعدة للشركات الأردنية الملاحمة والعضيبات نسايب .... " الوزير قفطان المجالي يقود جاهة عشيرة الملاحمة / الطراونة" إلى عشيرة العضيبات في جرش ( صور ) انطلاق الملتقى الأردني - السوري للاتصالات والتكنولوجيا في دمشق خطة السلام الأميركية: تنازلات قاسية لأوكرانيا وتمكين موسّع لروسيا أوامر إسرائيلية بالاستيلاء على أراضٍ جديدة في طوباس والأغوار السفير القضاة : مشاركة مميزة للشركات الأردنية بمعرض تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دمشق وزير الثقافة : الاستجابة لدعوة "ولي العهد "بتوثيق السردية الأردنية هي التزامٌ بتعزيز الهوية الوطنية وترسيخ ذاكرة الأردن الجامعة رئيس مجلس الأعيان ينعى العين السابق جمال حديثه الخريشا

((الاقتصاد الأردني رهين المحبسين: صندوق النقد الدولي والمنح الخارجية))

((الاقتصاد الأردني رهين المحبسين: صندوق النقد الدولي والمنح الخارجية))
((الاقتصاد الأردني رهين المحبسين: صندوق النقد الدولي والمنح الخارجية))

بقلم الدكتور:إبراهيم النقرش


الاقتصاد الأردني لم يكن يومًا منفصلًا عن الواقع السياسي بل هو انعكاس مباشر له وقد بات واضحًا أن الأردن يقف على مفترق طرق خطير بينما تتجه الحكومة مجددًا إلى مفاوضات مع صندوق النقد الدولي مدفوعة بعجز مالي متفاقم ومديونية خانقة. هذا التوجه ليس جديدًا بل هو استمرار لنمط قديم قائم على الاعتماد على القروض والمنح الخارجية ولعل العنوان "الاقتصاد الأردني رهين المحبسين" يلخص واقع الأردن الاقتصادي فهو بين قيدين لا فكاك منهما صندوق النقد الدولي الذي يفرض شروطه ،ومنظومة المساعدات الخارجية التي تُبقي الدولة تحت سقف التبعية.
صندوق النقد الدولي ليس مجرد مؤسسة مالية محايدة بل هو جزء من نظام عالمي أ
أُنشئ بعد الحرب العالمية الثانية لإعادة رسم الخريطة الاقتصادية بطريقة تخدم مصالح الدول الكبرى وقد نشأ في مؤتمر بريتون وودز عام 1944 ليكون أداة استعماريه ناعمه تُمارس من خلاله دول المركز هيمنتها على دول الأطراف .التمويل الذي يقدمه الصندوق لا يأتي بدون شروط بل دائمًا يرتبط بإجراءات تقشفية وخصخصة ورفع الدعم وفرض ضرائب تثقل كاهل المواطن وتفكك الاقتصاد المحلي. وأغلب الدول التي سارت على دربه وجدت نفسها غارقة في الديون والتبعية دون تنمية حقيقية.
منذ الثمانينات بدأت الحكومات الأردنية الدخول في ما سُمي برامج التصحيح الاقتصادي التي قدمها الصندوق وقد تعهدت بتنفيذها حرفيًا رغم كل التحذيرات من الاقتصاديين الوطنيين، هذه البرامج لم تؤدي إلى إصلاح حقيقي بل تسببت في رفع الدعم عن السلع الأساسية وفرض ضرائب متعددة وتوسيع الخصخصة دون أي عائد اقتصادي ملموس. بالعكس فقد تدهورت البنية الاقتصادية وزاد الاعتماد على القروض لتسديد فوائد قروض سابقة وتراجعت قدرة الدولة على تقديم الخدمات الأساسية.
ورغم مرور أكثر من أربعة عقود على هذا النهج (النيوليبرالي) المدفوع بتوصيات الصندوق لم يشهد الاقتصاد الأردني أي تحسن بل تفاقمت الديون وارتفعت البطالة وتراجع النمو وزاد التضخم وتحولت الدولة إلى جابي ضرائب لا صانع فرص عمل وانخفضت معدلات الاستثمار والإنتاج في الزراعة والصناعة والسياحة وهي القطاعات التي تُبنى عليها اقتصادات حقيقية ومستقرة. الخصخصة التي قادتها هذه السياسات كانت أشبه بتفكيك متعمد لممتلكات الدولة فتم بيع المؤسسات الوطنية الناجحة بأثمان بخسة وخسرت الدولة مصادر إيراداتها السيادية وتحولت إلى تابع للقطاع الخاص وشركات خارجية لا تهتم إلا بتحقيق الأرباح ولو على حساب الوطن والمواطن.
صندوق النقد لا يهتم ببناء الاقتصاد الحقيقي بل يركز على ضبط الأرقام وخفض العجز المالي عبر رفع الضرائب وتقليص النفقات وإلغاء الدعم دون أي رؤية لبناء قاعدة إنتاجية وطنية تهتم بالتشغيل والتصنيع والاكتفاء الذاتي وبهذا أصبح الاقتصاد الأردني يدور في دائرة مغلقة من الاستدانة والسداد دون أن يرى المواطن أي أثر إيجابي على حياته اليوميه.

المشكلة الأكبر تكمن في العقلية الاقتصادية السائدة التي ما زالت تتعامل مع الصندوق كمرجعية عليا لا تُناقَش وتُقصي كل صوت وطني مستقل يحاول طرح بدائل حقيقية وتُكرر نفس الأخطاء وكأن شيئًا لم يحدث وهذه النخب لا تؤمن إلا بوصفات الصندوق ولا ترى في الإنتاج والاستقلال الاقتصادي مسارًا ممكنًا أو حتى مرغوبًا فيه ,"فا لطريق مسدود أربعون عامًا من التصحيح الاقتصادي الأردني بلا إصلاح" .
الاستمرار بهذا النهج الكارثي لن يؤدي إلا إلى مزيد من الأزمات التي تهدد الاستقرار السياسي والسلم المجتمعي فمع تزايد الفقر والبطالة وانعدام الأفق وتآكل الطبقة الوسطى ستنمو مشاعر الغضب والاحتقان وستتراجع الثقة في الدولة ومؤسساتها وهو ما سيقود إلى اضطرابات اجتماعية قد يصعب السيطرة عليها مستقبلا.
ولذلك فإن الحل لا يكمن في برامج جديدة مع الصندوق بل في قطيعة واضحة مع هذا المسار الفاشل والانطلاق نحو مشروع وطني اقتصادي يقوم على الإنتاج الحقيقي والزراعة والصناعة والسياحة والتعليم والاعتماد على الذات وبناء الشراكات الإقليمية التي تحترم سيادة القرار الأردني نحتاج إلى إرادة سياسية مستقلة وعقلية اقتصادية وطنية جريئة تعيد الاعتبار لمفهوم الدولة المنتجة وتحرر القرار الاقتصادي من قبضة التبعية والارتهان.
فالخيار بات واضحًا إما الاستمرار في طريق التدهور والمزيد من القروض والفقر والانفجار المجتمعي أو اتخاذ قرار وطني شجاع ببناء اقتصاد منتج مستقل حر الإرادة يورث الأجيال القادمة الكرامة لا الديون والإنتاج لا التبعية والازدهار لا الانهيار.