
الهوية الأردنية: جذور ضاربة في
التاريخ وكرامة سقفها السماء
القلعة نيوز:
في الوقت الذي يعاني منه كثير من المجتمعات
المحيطة من الانقسامات وعودة للفتنة والطائفية، وتراجع دور الدولة في الحد من أي
محاولة لتفتيت النسيج الاجتماعي فيها، يبقى الأردن هو العنوان الأول والأخير لكل
ابناءه المخلصين، حيث يلتقي الجميع عند مصلحة الوطن رغم بعض الاختلافات والمحاولات
الرخيصة لهدم البناء الأردني. فالهوية الأردنية بالنسبة للأردنيين ليست مجرد وثيقة
رسمية يحملوها أينما كانوا، ولا تعني الانتماء فقط، بل هي مجموعة القيم التي يتسم
بها أبناء الأردن المخلصين، وكرامة تُصان وراية تُحمل وهي نتاج تاريخ طويل من
النضال والتعايش والبناء المتواصل يُروى بكل فخر من جيلٍ الى جيل.
فمنذ تأسيس امارة شرق الأردن
عام 1921 على يد الملك المؤسس عبدالله الأول بن الحسين بدأت ملامح الهوية الأردنية
بالتشكل على أرض صلبة من القيم الهاشمية الاصيلة والمبادئ العربية الراسخة. لم تكن
النشأة هينة، الا أن الأردنيين صاغوا هويتهم بالعرق والتعب والنضال المستمر، و
وقفوا وقفة رجلٍ واحد في وجه التحديات ليبنوا دولة حديثة.
ثم جاءت النكبة والنكسة وتحمل
الأردن وقتها عبء اللجوء والهجرة، وفتحت ذراعيها للفلسطينيين واحتضنتهم دون ان تفقد
هويتها،لا بل اغنتها. وعبر الزمن احتضنت الجغرافيا الأردنية كل من لجأ اليها من
الاشقاء في الشام والعراق واليمن وغيرهم، وشكل الأردنيون نسيجاً إنسانياً نادر
المثال يمزج بين الثبات والتسامح وبين الصلابة والانفتاح.
وفي وجه التحديات الاقتصادية
والسياسية بقيت الهوية الأردنية متماسكة، ففي كل مرة يهتز بها العالم من حولنا
يبقى الأردن واقفا بثبات لان هويته لم تأتي صدفةً بل اختيار نابع من قيم ومبادئ
عميقة، وهي دائماً امتداد لتاريخ عميق ومجتمعٍ واعٍ آمن بنفسه وبقيادته الحكيمة.
وللقيادة الهاشمية دور جوهري في ترسيخ الهوية الأردنية من خلال خطاب وحدوي جامع
يركز على العدالة والمساواة والانتماء، ويقف في وجه أي محاولات لتفتيت الصف
الأردني او خلق ولاءات اخرى تهدد النسيج الوطني.
فالهوية الأردنية ليست مجرد
انتماء جغرافي بل هي روح وطنية تشكلت من التاريخ وتصان بالوعي وتتجدد بالتكافل
والانتماء، فهي خلاصة نادرة لرحلة من التضحية والانفتاح فلنصنها لا كشعار نرفعه
فقط بل كنهج نعيشه، لأن من لا يحفظ هويته يضيع في تيه العولمة ومن يعرف جذوره يعرف
دائما الى أي سماء ينتمي.