كل الإحترام لدولة رئيس مجلس الملك "مجلس الأعيان" الأستاذ فيصل الفايز، وقد بادر في التصدي للحملة الإعلامية السياسية الموجهة التي يتعرض لها الأردن حاليا، والملك على وجه الخصوص، وعلى نحو يقصد منه إظهار المملكة الأردنية الهاشمية، كما لو كانت ألعوبة بيد إسرائيل وأعوانها، وبعد:
نعم، الأردن دولة فقيرة تعاني أزمة إقتصادية خانقة، ولديها العديد من الأمور التي تستوجب التصحيح والإصلاح، وتحديدا في هذا الوقت بالذات، أكثر بكثير من أي وقت مضى، تلك حقيقة أملتها ظروف إقليمية ودولية ومحلية أيضا، ليس أقلها الحروب الدائرة من حولنا منذ تسع سنوات وما سبقتها من حروب غير بعيدة، مع ما أفرزته تلك الحروب وما زالت من ويلات، جعلتنا وبشكل أو بآخر دولة محاصرة، ورتبت علينا إلتزامات دولية وإقليمية وإنسانية لا قبل لنا بها.
برغم كل هذا وغيره كثير كثير، فالأردن وهذا ليس حلما ولا إدعاء، هو والحمد لله، أقوى دولة في المنطقة، إذ بيد الملك وكلنا معه، خلط الأوراق جميعها وفي الأقليم كله بقرار واحد، وستظهر إسرائيل على حقيقتها بأنها دولة أوهن من بيت العنكبوت، فالأردن بمقدوره تثوير معظم الشعوب العربية والإسلامية، بإعلان النفير العام من أجل القدس ومقدساتها، وأنا هنا أتحدث عن الشعوب لا عن غيرها، وبمقدوره والكل يرحب، إتخاذ قرار بإستدارة كاملة في علاقاتن العربية والإقليمية لتشكيل تحالف كبير ضد مخططات ومطامع إسرائيل ومن معها، والأردن أقدر من إسرائيل على إنهاء معاهدة السلام التي تهدد وتلمح أوساط اليمين الإسرائيلي بإنهائها، شرط أن تبادر السلطة الفلسطينية إبتداء بإلغاء إتفاقيات أوسلو، وإنهاء التنسيق الأمني فورا، والأردن قادر على التلويح بدعم إنتفاضة شعبية فلسطينية في الضفة الغربية على نحو ما كان سابقا، وليس صحيحا كما يدعي البعض بأن الإنتفاضة هي من عطلت عملية السلام، بل العكس هو الصحيح تماما.
أميركا الحالية دولة أبي غيث، فشلت في كوريا الشمالية، وفي تشكيل جديد لدول أميركا اللاتينية، وفي إيران، وفي صد المارد الصيني الذي يثير مخاوفها الشديدة الأن، وفي صد النفوذ الروسي في الإقليم، ولم تسجل إدارتها الحالية نجاحا عالميا يذكر، سوى في جلب أموال وتوفير فرص عمل كثيرة، ومع ذلك هي اليوم في صدام مع الحزب الثاني الأكبر في بلادها، ولم نعتد عبر التاريخ أن نسمع عبارات شتائم قاسية بين الطرفين.
أما أردنيا، فما تعرفه وتتجاهله كل من إسرائيل وأميركا، هو أن الأردن الذي يقوده ملك هاشمي، يتوفر على كنز ضخم من قوة معنوية ومادية عظمى، بمجرد أن ينادي الملك الهاشمي "سِبْط محمد صلى الله عليه وسلم" على كل إنسان عربي ومسلم في مشارق الأرض ومغاربها، بأن حي على النفير والجهاد من أجل القدس، حيث أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لنرى عندها كيف هو حال نتنياهو ويمينه وأعوانه.
نعم، هذا آخر الدواء وهو الكي، لخلط كل الأوراق والمواقف ليس في إقليمنا وحسب، بل وفي العالم كله، وهذا هو مصدر أكبر قوة للمملكة الأردنية الهاشمية لا يملكها أحد غيره، ومجرد التلويح بها هو حق مشروع لإستعادة حق مغتصب ودفاعا عن وطننا الأردن، وليس إرهابا ولا تطرفا أو حتى خروجا على الشرعية الدولية التي لا تقيم إسرائيل لها وزنا يذكر!
أما الأقلام والمقالات المأجورة، فليست بالأمر الجديد، خاصة والمؤسسة الأمنية الأسرائيلية وأعوانها الذين ساعدوها في القضاء على معظم المناضلين العرب والفلسطينيين الشرفاء، متغلغلة اليوم في إقليمنا كله ولها أعوان ومساندون كثر ممن خانوا ضمائرهم وأوطانهم وعروبتهم ودينهم مقابل المال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
لقد أبدعت في محاضرتك أبا غيث ووضعت نقاطا كثيرة على حروف كثيرة، ويقينا فالأردنيون ومن كل المشارب واعون للمخطط الظالم والمؤامرة الدنيئة، وهم وبرغم كل شكاواهم ومطالبتهم بالإصلاح الذي بات ضرورة حتمية لمواجهة المؤامرة، يقفون ساعة الجد والنفير مع الوطن، ومع فلسطين، ومع قيادتهم الهاشمية التي عنها لا يتخلون، وما فعلوا أبدا منذ قامت دولتهم الحديثة، بل هم حرب على كل متآمر وكل طامع وكل طامح، وعلى المخطط الصهيوني الظالم تحديدا.
من جديد أقول، إسرائيل وأعوانها لا يعرفون سوى "العين الحمرا"، وحتى غير هؤلاء لا يعرفون سوى العين الحمرا، وهذه حالة تقتضي حشد الرجال الرجال من سائر الأردنيين الغيارى المتشبثين بوطنهم وبقيادتهم الهاشمية حول الملك والعرش والوطن، وعندها فلن يتجرأ نكرة أو خائن أو مارق أو هامل قوم، على كتابة حرف كاذب أو مغرض ضد الأردن، فلنفرج عن سائر الموقوفين سياسيا، ولنذهب نحو إنتخابات نيابية بقانون محسن يفرز نواب وطن، ولنشرع قانون أحزاب يسمح بأربعة أو خمسة تيارات حزبية فقط كما يريد الملك، ولنوسد الأمور للأكفياء الحقيقيين ولنشرك شعبنا كله في إدارة شؤون وطنه، ولنغلق ملف الفساد المؤذي بحديثه الذي لا ينتهي، وعبر تسويات سريعة، ولنتوكل على الله، ولنعتمد على أنفسنا وعلى موارد بلدنا، وعندها لن يقف في طريقنا صعب مهما كان بعون الله.
والله من وراء قصدي.