الدكتور: سلطان محمود عارف الشياب
أتابع جلسات مجلس النواب، وأراقب تحديداً أداء نواب جبهة الاصلاح أو جبهة العمل الإسلامي، الذين يشكلون الكتلة الوازنة في المجلس، وهي ذات الثقل الجماهيري الواسع، والأكثر قبولاً لدى شريحة كبيرة من المجتمع وهي مراقبة من المواطنين والأحزاب وحتى دوائر صنع القرار، صراحة في أحيانٍ كثيرة أرى أداهم في المتوسط ففي الكثير من طروحاتهم أفكار مقبولة، وهم حتى الآن يحاولون أن يكون لديهم موقع متقدم وهذا ما حصل أثناء الثقة وأثناء التصويت على قانون الموازنة الذي هو تحصيل حاصل، وعلى مدى أكثر من أكثر ثلاثة عقود، لم يتمكن أو يتجرأ مجلس من المجالس المتعاقبة على رد قانون الموازنة الذي هو خطة عمل أي حكومة لعام قادم، بالرغم من الخطب الرنانة، وأن الصيغة الجماهيرية من الكثير من السادة النواب.
لا يهمني بيان ثقة الحكومة ولا بيان المالية كثيراً، ما يهمني كمواطن هو تطبيق جزء من ذاك البيان وهذا البيان المالي على أرض الواقع، ويعود بالتالي بالنفع على المواطن، من حيث تقليل لانفاق، وتحسين الاقتصاد، وعدم فرض ضرائب جديدة، على المواطن الذي أصبح لا يستطيع التأقلم مع الوضع الذي يضغط عليه ومع مرور الأيام وبقوة.
لكن كلام الحكومة يذهب أدراج الرياح والوعود التي تطلقها الحكومة سرعان ما تتبخر بعد الثقة سواء في البيان الحكومي والمالي ويعود السادة النواب من جديد يطالبون ويلحون وبتوعدون ولكن لا حياة لمن تنادي وهكذا.
قرأت مؤخرًا كما قرأ الكثير أن نواب جهة العمل الإسلامي أو نواب كتلة الاصلاح، والتي يتزعمها النائب الأكثر نشاطاً والأكثر ديناميكية، والأكثر حضوراً والأكثر محبة (النائب صالح العرموطي)، قد تقدم بمذكرة للحكومة وعلى هذه المذكرة أكثر من 30 توقيع تطالب هذه المذكرة بمطالب أجزم أن الكثير منها مطالب تعجيزية مطالب غير منطقية، مطالب غير واقعية خصوصاً والشعب يعيش تحت خط الفقر الاقتصادي والاجتماعي وأمراض، ومشاكل المجتمع الأردني لا تحلها معاهدة سلام مع العدو الغاصب منذ زمن، مع أننا كمواطنين نتمنى أن نتخلص منها اليوم قبل غدًا، ولكن أقول لنواب الحركة الإسلامية التي نحترمها، وخصوصاً في هذه الظروف التي تمر بها المنظمة.
تواضعوا، لتكن شعاراتكم مقبولة، لتكن طروحاتكم غير استفزازية، أطلبوا ما هو مستطاع، تحدثوا عن مشاكل المجتمع، وظروف الناس كونوا متوحدين ضد مظاهر التغول الحكومي، والفساد المالي والإداري والأخلاقي المنتشر هنا وهناك.
هناك ما هو أهم من الغاء معاهدة وادي عربة وقطع العلاقات مع الكيان الغاصب كما تطلبون في مذكرتكم، فمعاهدة وادي عربة قائمة وهي استراتيجية أكبر بكثير من الجميع، عملية إلغاء المعاهدة ليس بالسهل ولا حتى مطروحة في فكر الدولة الأردنية على ما أعتقد لذلك التحدث عنها لا يغني ولا يسمن واعتقد أنها أحاديث شعبوية ليس بحاجة إليها لأن اقتربوا من نبض الشارع أكثر، واسمعوا لمطالب الناس من احساس الذين لا يملكون قوت يومهم، وهناك من يتقاضى آلاف الدنانير، لسبب أو لآخر تحدثوا عنهم وعن فسادهم. طالبوا وتوحدوا ووضعوا العرايض من أجل زيادة رواتب صغار المواطنين، وارتفاع الأسعار، وحيتان الأسواق وتجار اللحوم، لا نريد حديثاً في السياسة فقد ملّ المواطن الأردني الحديث في السياسة، فهناك كثير من الأمور أكبر من الجميع، ما نريده هو الداخل الأردني ومشاكله وهموم المواطن المسحوق، خصوصًا ونحن نعيش مرحلة خطيرة تفرضها الأحداث، سرني بيانكم بخصوص تصريحات الرئيس الأمريكي تجاه تهجير لأهل في فلسطين نحو الأردن، نعم أيها السادة لنقف خطًا واحدًا ضد غطرسات الدول الاستعمارية، كونوا ونكون معكم وكل السادة النواب في مظاهرة من أمام وسيط البلد وأنتم في البداية تنددون بالتصريحات وتقفون مع الدولة في حضن الوطن، هذا الوطن ملكاً للجميع. ونحن كأردنيين سنبذل الدماء في سبيل أن يبقى الأردن مرفوع الرأس كما هي مواقفه عبر تاريخه لنقف مع قائدنا وهو يقول لا للوطن البديل والذي تحاول الإدارة الأمريكية والصهيونية أن تفرضه على القيادة في الأردن التي نحن نقف معها أحزاب مولاة، معارضة مواطنين من شتى الأصول والمنيات ففلسطين لن تكون إلا للأهل هناك وطناً حرًا عزيزًا، والأردن لنا وطناً داعمًا لكل الأهل على أرض فلسطين الطاهرة الغالية التي ضحى من أجلها كل الأردنيون والهاشميون والفلسطينيون عبر تاريخ الوطن.
نعم أيها السادة النواب الأفاضل تواضعوا في مطالبكم تكونون قريبين من الشعب وأصحاب القرار وقولوا معًا بالفم المليان كلا وألف كلا للتوطن كلا وألفا كلا للتصريحات الرعناء التي أطلقها رئيس الدولة الأمريكية فهو لا يعرف مدى صلابة الجبهة الداخلية الأردنية عبر العقود الماضية والقادمة سنكون بعون الله مع الوطن في كل ظروفه وأحواله، حفظ الله الوطن من كل شر وحفظ الله قيادة الوطن وشعب هذا الوطن الصابر الحر الشجاع، وبعون الله سنذهب تصريحات الرئيس الأمريكي أدراج الرياح كما كانت الكثير من التصريحات التي سبقتها.
حفظ الله الوطن