شريط الأخبار
دولة المؤسسات.... الملك يشارك بالمؤتمر الثالث للأمم المتحدة للمحيطات في فرنسا الرواشدة يرعى انطلاق فعاليات أمسيات بني كنانة الثقافية في إربد / شاهد بالصور "مبادرة نوعية إنسانية"... جمع ثمن عجلين لذبحهم وتوزيعهم على الفقراء في قضاء صبحا بلواء البادية الشمالية الأمن العام ينفذ خطة أمنية ومرورية وإنسانية شاملة استعداداً لعطلة الأضحى مصر.. إجراء رسمي ضد قناة الزمالك "سبيربنك" الروسي يطلق سندات مرتبطة بعملة "البيتكوين" دول من أمريكا اللاتينية تعارض إسرائيل وتسحب سفراءها بسبب الحرب على غزة "دوري الملوك".. القناص ياسر القحطاني يحتفل على طريقة ولي العهد السعودي "فولكسفاغن" تعلن الاتفاق مع 20 ألف عامل على مغادرة الشركة بحلول 2030 مجلس أخلاقيات صندوق الثروة السيادي النرويجي يراجع استثماراته في بنوك إسرائيلية بعد ركلة جزاء ألفاريز المثيرة للجدل في "ديربي مدريد".. "يويفا" يتخذا قرارا حاسما الصفدي يلتقي وفدا من وزارة الخارجية السورية أبو صعيليك يلتقي سفراء التغيير من موظفي القطاع العام "الطاقة" النيابية تطلع على واقع العمل وأتمتة الخدمات في هيئة تنظيم قطاع الطاقة العيسوي يلتقي فعاليات شعبية وشبابية ونسائية ورياضية من أبناء لواء بني كنانة المومني : المشاركة السياسية لا يمكن أن تزدهر دون إعلام مسؤول ومهني يحترم الحقيقة الأميرة عائشة ترعى تخريج الفوج الخامس والعشرين من مرشحات كلية الأميرة منى للتمريض الرواشدة يلتقي سفير سلطنة عُمان في المملكة وزير الخارجية يلتقي لجنة الشراكات والتعاون الأمني في الناتو

الطويل تكتب : الأنوثة المُستلَبة ثمن الانتصار المُزيَّف في معركة الهُويّات

الطويل تكتب : الأنوثة المُستلَبة ثمن الانتصار المُزيَّف في معركة الهُويّات
نسرين الطويل 🦋
في معركةٍ تُدار خلف أقنعة "المساواة"، تتحول المرأة إلى جنديٍّ في جيشٍ لم تُختر له، تحمل سلاحًا صاغته أيدي غيرها، وتخوض حربًا على أرضٍ لا تعرف اسمها. هنا، حيث يُختزل التحرر إلى مُحاكاةٍ عمياء لِقواعد لعبةٍ لم تُصنع لصالحها، تبدأ المأساة: تخلع جلدها، تتنازل عن أسرار كينونتها، وتُسلّم روحها لقوةٍ مستعارةٍ ظنًّا منها أنها ستحررها. لكن الحقيقة المُرة هي أنَّ انتصارها المُزيَّف لا يكسر القيود، بل يُعيد إنتاجها بدمٍ جديد… قيودٌ من ذهب، تُسمى "التقدُّم".

الساحة التي تدخلها المرأة وهي تظنها ساحة "المنافسة الشريفة"، هي في الحقيقة متاهةٌ من المرايا المُشوَّهة. كل خطوةٍ نحو محاكاة الذكورة تُبعدها أكثر عن ذاتها، وكل نجاحٍ في تقليد قواعد اللعبة يُحوّلها إلى سجَّانةٍ لأغلالها. الأنوثة هنا ليست مجرد صفة تُخلع، بل هي لغةٌ كونيةٌ قادرةٌ على خلق عوالم متوازية: حنانٌ يُذيب جليد العقلانية الجافة، حدسٌ يُنير طرقًا لم يخطها المنطق، وقوةٌ لا تحتاج إلى صراخٍ كي تُسمع. لكن حين تتنازل المرأة عن هذه اللغة، يفقد العالم قاموسًا كاملًا من الإمكانات، ويُحكَم عليه بالتكلس في سرديةٍ أحاديةِ البُعد.

الكارثة الأكبر ليست في أن تتحول المرأة إلى نسخةٍ باهتةٍ من الرجل، بل في أن النظام الذكوري نفسه ينتصر مرتين: الأولى حين يُجبرها على الاعتقاد بأن قيمتها تكمن في تشبُّهها به، والثانية حين تُصبِح هي حارسةً لهذا النظام، تُبرر قسوته باسم "التقدُّم". المساواة الحقيقية لا تعني أن تصعد المرأة إلى قمة الهرم الذكوري، بل أن تهدم الهرم نفسه، وتصنع عالمًا لا يُقاس النجاح فيه بمدى تشبُّهك بـ"الآخر"، بل بمدى قدرتك على أن تكون نفسك دون اعتذار.

لكن كيف تُحارب المرأة وهي مُجبَرةٌ على استخدام أسلحة عدُّوها؟ كيف تُعيد تعريف القوة وهي محشورةٌ بين خياريْن: إما أن تكون "ضعيفةً أنثوية"، أو "قويةً ذكورية"؟ الجواب يكمن في الثورة على السؤال نفسه. فالأنوثة ليست عكس الذكورة، بل هي كونٌ موازٍ لا يحتاج إلى مقارنة. حين تحتضن المرأة اختلافها، لا كعجزٍ يجب تعويضه، بل كرصيدٍ وجودي، تُولد قوةٌ من نوعٍ آخر: قوة تُعيد تشكيل المنظومة من جذورها، لا أن تتسلقها.

العالم اليوم يشهد أكبر عملية اغتيالٍ رمزي للأنوثة: اغتيالٌ يُرتكب ليس عبر الإقصاء، بل عبر التشويه. الأنوثة تُختزل إما في صورة الضحية الباكية، أو في صورة "المرأة الحديدية" التي تتفاخر بأنها "أقوى من الرجال". بينما جوهرها الحقيقي — ذلك المزيج المتفجّر من التناقضات: الرقة والشراسة، الحدس والعقل، الخلق والتدمير — يُطمس لصالح صورةٍ مُسطحةٍ تخدم النظام القائم.

الفقد هنا ليس فرديًّا، بل كونيّ. كل امرأة تُنكر نورها الداخلي كي تتوهج تحت مصابيح الآخرين، تُطفئ شمعةً في مولدِ عالمٍ كان يمكن أن يُضاء بتنوع ألوانها. التاريخ لا يتذكَّر أولئك الذين نجحوا في تقليد اللعبة، بل أولئك الذين غيّروا قواعدها. فالمرأة التي تحتضن أنوثتها بكل تعقيداتها لا تُحرر نفسها فحسب، بل تفتح بابًا لثورةٍ إنسانيةٍ يكون فيها "الضعف" مصدر قوة، و"الاختلاف" مصدر إثراء، و"الأنوثة" لغةً جديدةً لإعادة تعريف كل ما نعرفه عن القيادة، النجاح، والقوة.

ربما حان الوقت لكي ندرك أن المعركة الحقيقية ليست مع الرجل، بل مع الفكرة التي تجعلنا نعتقد أن التحرر يعني أن نكون مثله. الأنوثة ليست سجنًا يجب الهروب منه، بل مفتاحٌ لسجن العالم نفسه. فهل نجرؤ على أن نكون أبطال هذه الثورة؟ أم نظل ندور في حلقة المُحاكاة، نحسب الظلَّ نورًا، والقيودَ حرية؟