
القلعة نيوز:
مع إعلان خطط الرسوم الجمركية في أوائل عام ٢٠٢٥، أولت إدارة ترامب أولوية قصوى للاقتصاد الامريكي من خلال تعزيزالروافع الاقتصاديه و اهمها التصنيع الأمريكي، ثم الأمن القومي وخاصه معالجة مشاكل غير تجارية كالهجرة و معالجة تحديات العجز في الميزان التجاري للعديد من الدول. ينبغي أن يكون فهم هذه الأولويات أساسًا لعرض وجهة نظر الأردن أمام إدارة ترامب بشكل صحيح.
يجب أن يكون لدينا نافذة جديدة للتفاوض من خلال تبني نهج استراتيجي من جانب الإدارة الأردنية، يستفيد من مكانة الأردن الفريدة كحليف للولايات المتحدة، ويسلط الضوء على المنافع المتبادلة، ويعزز الحوار البناء.
إطار عمل الرسوم الجمركية لإدارة ترامب
يمنح قانون الاقتصاد الاقتصادي االامريكي في حالات الطوارئ، الصادر عام ١٩٧٧، الرئيس سلطة التحكم في التجارة الخارجية عند إعلان حالة طوارئ وطنية. وقد استخدم ترامب هذه السلطة مدعيًا أن الاختلالات التجارية أو الممارسات الاقتصادية الأجنبية تشكل تهديدًا للأمن الأمريكي، لا سيما خلال ولايته الأولى بفرض رسوم جمركية على الصلب والألمنيوم (٢٠١٨).
استندت إدارة ترامب مجددًا إلى قانون الاقتصاد الاقتصادي الدولي في حالات الطوارئ (IEEPA) في عام ٢٠٢٥، مُدّعيةً أن العجز التجاري العالمي والاعتماد على السلع الأجنبية يُهددان السيادة الاقتصادية للولايات المتحدة وقدرتها العسكرية.
ستُطبق ضريبة عالمية بنسبة ١٠٪ على جميع الواردات الأمريكية في ٥ أبريل ٢٠٢٥، كما فرضت "رسومًا جمركية متبادلة" إضافية على دول مُحددة بناءً على حواجز أو اختلالات تجارية مُتصوّرة. تتراوح هذه الرسوم بين ١٠٪ وأكثر من ٥٠٪.
ووفقًا لتصريح وزير الخزانة سكوت بيسنت في ٢٠ مارس ٢٠٢٥، بأن الرسوم الجمركية قد "تُعيد التوازن إلى التجارة العالمية" إذا اقترنت بالمفاوضات، يُقدّم البيت الأبيض هذا كرد فعل على الممارسات التجارية "غير العادلة".
من زاوية العجز التجاري:
تعاني الولايات المتحدة من خلل تجاري طفيف مع الأردن يبلغ 600 مليون دولار، حيث نصدر ما يقارب 1.8 مليار دولار مقابل 1.2 مليار دولار من الواردات (بناءً على أرقام عام 2023). ويُمثل هذا جزءًا ضئيلًا من العجز التجاري الأمريكي البالغ 800 مليار دولار اعتبارًا من عام 2023، والذي يعزى إلى ثلاث صناعات رئيسية تشمل المنسوجات والأدوية والمواد الكيميائية، والتي تستفيد من اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والأردن لعام 2001.
ينبغي على الإدارة الأردنية أن تُشير بوضوح إلى أن الصناعات التي تسعى إدارة ترامب إلى حمايتها، مثل الصناعات الثقيلة، لا تُنافس صادرات الأردن (المنسوجات والأدوية)، والأهم من ذلك، المنتجات الأردنية تستخدم مكونات أمريكية! وهذا يتماشى مع أهداف ترامب في تعزيز التصنيع الأمريكي.
كما تحتاج الإدارة الأردنية إلى وضع خطة اقتصادية واستثمارية جديدة لتعزيز الاقتصاد الصناعي الأردني، مع مراعاة سياسة التجارة العادلة مع الولايات المتحدة، والتي يمكن أن تتضمن فهم الاحتياجات وتقليل هذا الخلل الطفيف بين البلدين.
الضغط من أجل الأمن
على الإدارة الأردنية الضغط من أجل الاستقرار كجزء من خطط التفاوض مع إدارة ترامب، متفهمةً ضرورة العمل مع وزير التجارة ومستشار الأمن القومي لتعزيز الوضع الأمني من خلال توظيف سياسات الدفاع الأمريكية في المنطقة لتحقيق السلام والاستقرار. لم يفت الأوان بعد، بل من الضروري إظهار القوة السياسية الأردنية الكاملة.
ان طرح التحديات الحالية التي نواجهها يوميًا في الاردن اقتصاديا نتيجة للوضع السياسي، وخاصةً كارثة غزة. لعل الإشادة علنًا بسياسات إدارة ترامب الجمركية من قبل الادارة الاردنيه لخلق ارضيه وديه للتفاوض و اللقاء عوضا عن الخطاب الاعلامي المتشنج ، مُظهرين أن وضع الأردن يستحق استثناءً، لأنه يخدم الجهود الإقليمية الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار.
خطة واضحة للأردن
على الحكومة الأردنية تبني خطة واضحة ذات بُعدين للتعامل مع التحديات الحالية: أولهما وأهمها خطة داخلية، وهي خطة النمو الصناعي من خلال التعاون مع الصناعات الرئيسية لإنشاء مصانع في الأردن، بما في ذلك الصناعات غير التقليدية مثل التكنولوجيا، و اصلاح التعليم فعلا لا قولا و اعادة قيم المجتمع ضمن مخرجات التعليم حيث أصبح إصلاح التعليم ضرورة. وثانيهما الأولويات السياسية الداخليه، من خلال السعي نحو الوحدة في مواجهة الاستقطاب السياسي في المنطقة، للانتقال من رد الفعل إلى الفعل.
الخطة الثانية هي خطة خارجية تتضمن هذه النافذة الجديدة لبناء المفاوضات، والنظام السياسي الإقليمي الجديد بعد السابع من أكتوبر.
ان التفاوض ليس فقط على البقاء، بل على ايضا للصمود في وجه الاحداث العالميه المتسارعه.