شريط الأخبار
ضمن حوارات ملتقى النخبة-elite ليوم الثلاثاء.. كان حوار الليلة بعنوان...* *((مشروع قانون ضريبة الأراضي 2025.. التحديات والفرص))..* طقس لطيف في اغلب المناطق اليوم وارتفاع تدريجي على الحرارة حتى السبت بن غفير يقتحم الحرم الإبراهيمي وسط حراسة مشددة بعد عاصفة ملابسه.. ما هي العقوبة المتوقعة على محمد رمضان؟ روتين صباحي فعّال لإنقاص الوزن... جرّبيه تعلمي طريقة لقلي الفلافل من دون أن تشرب الكثير من الزيت للإفطار .. طريقة عمل الباف باستري بالزعتر والجبنة نكهة طبيعية وصحية لكل وصفاتك.. طريقة عمل مكعبات مرقة الدجاج في البيت طريقة عمل بطاطس الشيبسي في المنزل.. سر القرمشة والمذاق الرائع عادة يومية تزيد خطر سرطان الفم علامات تدلّ على حاجة الجسم إلى الديتوكس متلازمة القولون العصبى .. اعرف الأسباب وطرق العلاج للحامل.. أنواع من الشوربة مفيدة وصحية احرصى عليها قبل الولادة هل يساعد اللبن الدافئ واليانسون على النوم؟ تبديل قهوتك الصباحية بـ"الماتشا" يساهم فى خفض مستويات القلق مديرة صندوق النقد الدولي تشيد بالسياسات الاقتصادية الأردنية نائب محافظ جرش يرعى احتفال "يوم العلم" في مدارس المحافظة وزارة التربية والتعليم تعلن عن وظائف شاغرة.. رابط إعجازٌ علميٌّ.. زراعة أسنان حقيقية من جسد المريض نفسه لأول مرة في التاريخ الذهب يخترق مستوى 3300 دولار لأول مرة في تاريخه

الرمامنه يكتب : عقول للبيع :تأثير رأسمالية المراقبة على الصحة النفسية

الرمامنه يكتب : عقول للبيع :تأثير رأسمالية المراقبة على الصحة النفسية
د.محمد عبد الحميد الرمامنه
في زمنٍ أصبحت فيه التكنولوجيا نافذتنا اليومية إلى العالم، ظهرت رأسمالية المراقبة كأخطر أنماط السيطرة الناعمة، لم تعد الشركات العملاقة تبيع المنتجات فقط، بل أصبحت تبيع السلوك البشري نفسه، بعد أن تُحلله وتُعيد تشكيله دون علم صاحبه نحن لم نعد مجرد مستخدمين لهذه المنصات، بل أصبحنا مواد خام تُستخرج منها بياناتنا ومشاعرنا ونوايانا، لنُستهلك نحن في نهاية المطاف.
هذه الرقابة لا تأتي عبر الكاميرات أو الأنظمة الأمنية التقليدية، بل عبر هواتفنا وتطبيقاتنا وخوارزميات لا نراها، الإنسان في هذا السياق يعيش ما يمكن تسميته بـ"الجلد النفسي الثاني"، حيث يشعر بأن كل حركة وكل ضغطة زر تُسجل وتُراقب وتُحلل، ما يولد قلقًا رقميًا دائمًا، خاصة لدى المراهقين والشباب تؤكد دراسة من جامعة كاليفورنيا عام 2020 أن من يقضون أكثر من أربع ساعات يوميًا على التطبيقات التي تجمع البيانات، تزداد لديهم احتمالية القلق والاكتئاب بنسبة تصل إلى 22%.
المفارقة الكبرى أن هذه الرقابة تُقدّم بواجهة من الترف والحرية، بينما هي في جوهرها قيدٌ ناعم يعيد تشكيل وعينا تدريجيًا نحن نظن أننا نختار بأنفسنا، لكن الواقع أن الخوارزميات تتوقع سلوكنا بنسبة قد تصل إلى 94% كما أظهرت أبحاث من MIT، وتدفعنا لاتخاذ قرارات تمت هندستها مسبقًا يُعاد توجيه وعينا دون أن نشعر، فنُصبح ضحايا لتغذية رقمية مغلفة بالإعجاب والمتعة.
لا يقتصر الأثر على الجانب النفسي فقط، بل يمتد إلى التكوين الاجتماعي والتربوي في المدارس، تراجعت قدرة الطلبة على التركيز وتزايدت ظاهرة المقارنات الرقمية والقلق من التقييم المجتمعي وفي البيوت، تقلص تأثير الأسرة أمام نفوذ المحتوى الرقمي، وأصبحت شخصية الأبناء تُبنى من خلال مقاطع وتوجهات لا أحد يعرف مصدرها أو هدفها في هذا السياق، تتآكل الهوية الفردية وتُصبح الذات مرهونة بما يقال عنها، لا بما تعتقده عن نفسها.
بعض الدول حاولت التصدي لهذه الهيمنة الرقمية، فأقرت أوروبا قوانين لحماية البيانات الشخصية، بينما ذهبت الصين في اتجاه أكثر صرامة، حيث تُستخدم البيانات لتحديد المكانة الاجتماعية أما في العالم العربي، فما زالت هذه القضايا تُناقش بخجل، دون استراتيجية واضحة أو وعي مجتمعي واسع.
في ظل هذا الواقع، لا مجال للانعزال عن التكنولوجيا، لكن يمكننا أن نعيد امتلاك وعينا، نحن بحاجة إلى تربية نفسية جديدة تقوم على ما يمكن تسميته "بالمواطنة النفسية الرقمية"، حيث يتعلم الإنسان كيف يحمي وعيه من التوجيه الخفي، ويعيد بناء استقلاليته الداخلية، الإنسان ليس معادلة تُحل، بل كيان يتجاوز التوقع، كائن له الحق في الغموض والتناقض والاختيار، والمقاومة تبدأ من هنا: من الحق في أن نكون أنفسنا، في عالم يُراد لنا فيه أن نكون نسخة متوقعة قابلة للبيع.