
جمال سلامه الرياحي
في زمن تزداد فيه الحاجة إلى نماذج حقيقية للولاء والانتماء، تبرز سيرة العميد المتقاعد عواد أبو شريتح الحويطات كشاهد على أن العطاء للوطن لا ينتهي بانتهاء الخدمة. فمنذ اللحظة الأولى لدخوله السلك العسكري، وحتى بعد تقاعده، ظل أبو شريتح نموذجًا للرجل الذي أفنى حياته في خدمة بلاده وأهلها.
لقد كان ولاؤه للوطن عقيدة راسخة. كرس سنوات طويلة من عمره في خدمة الأجهزة الأمنية، يؤدي واجبه بإخلاص وتفانٍ، ساعيًا للحفاظ على أمن الأردن واستقراره. لم يكن عمله مجرد وظيفة، بل كان رسالة آمن بها، وهي حماية هذا البلد الذي أعطاه كل ما يملك من جهد وتضحية.
لكن قصة ولائه لم تتوقف عند هذا الحد. فبعد أن ترجل من منصبه العسكري، لم يختار الراحة، بل انخرط في ميدان آخر لا يقل أهمية: الإصلاح الاجتماعي. أصبح أيقونة في حل الخلافات بين الناس، يعمل بصمت وتواضع من أجل رأب الصدع وإعادة اللحمة بين أفراد المجتمع. هذا الدور الجديد لم يكن سوى امتداد طبيعي لولائه للوطن، فالوطن ليس مجرد حدود جغرافية، بل هو أيضًا نسيج اجتماعي متماسك.
ولم ينسَ العميد أبو شريتح انتماءه لعشيرته، فكان خير سفير لها. عمل على تعزيز روابطها، وخدمة أبنائها، مؤكداً أن الانتماء للعشيرة لا يتعارض مع الانتماء الأكبر للوطن، بل يتقاطع معه في نقطة واحدة: خدمة الناس وبناء مجتمع قوي ومتماسك.
إن سيرة العميد المتقاعد عواد أبو شريتح الحويطات تذكرنا بأن الولاء والانتماء قيم لا تُقاس بالمناصب، بل بالأفعال. هي قصة رجل آمن بوطنه، وخدمه في أصعب الظروف، ثم عاد ليخدم أهله بقلب مفعم بالحب والعطاء. إنه مثال حي على أن العطاء الحقيقي يستمر إلى ما لا نهاية.