القلعة نيوز:
في زمن تتغيّر فيه الوجوه وتتبدّل المناصب، يبقى بعض الرجال ثابتين في ذاكرة الدولة، راسخين في وجدان الناس بما قدّموه وما تركوه من إرث مهني وأخلاقي لا يمحوه الزمن. ومن بين هؤلاء الرجال يبرز اسم عطوفة المحافظ عادل محمود الروسان؛ الرجل الذي لم يكن يومًا مجرد مسؤول في الإدارات الحكومية، بل قائدًا يُلهم من عمل معه، ويترك احترامه أينما حلّ، ويثبت حضوره بقوة شخصيته وحكمته وصلابة مواقفه. هو الرجل الذي يعرف كيف يتخذ القرار الصحيح في اللحظة الحاسمة، والذي يجعل كل من حوله أفضل ويستلهم من قوته وصرامته.
على امتداد عقود طويلة من الخدمة العامة، حمل عطوفته مسؤوليات كبرى داخل وزارة الداخلية، متنقلًا بين مواقع حساسة بثقة الرجل الكفؤ واستقامة المسؤول الذي لا يعرف التردد. كان حاضرًا حين تحتاجه الدولة، واضحًا حين يربك الغموض الآخرين، وحازمًا حين يتطلّب الموقف قرارًا لا يحتمل التأجيل. لقد كان نموذجًا للقائد الذي لا يرضى بالسطحية، ويعرف أن العمل الحقيقي لا يُقاس بالمكان، بل بالإنجاز والقدرة على تحقيق النتائج. حضوره كان دائمًا يزرع الثقة، وكلماته كانت توجيهًا لكل من حوله.
اشتهر الروسان بفراسته ودقته وقراءته للأحداث قبل وقوعها، وبأنه رجل لا يتهاون في تطبيق القانون، ولا يقبل بأقل من احترام المواطن وهيبة الدولة. كان يقول: "العدل قبل القوة… والهيبة تُبنى على الإنصاف”، ولهذا نال محبة من عرفه واحترام كل من تعامل معه؛ فقد جمع بين الصرامة التي تُشعر بالأمان، والإنسانية التي تُشعر بالطمأنينة. هو القائد الذي يُلهِمك، ويجعلك تعيد ترتيب أولوياتك، وتؤمن بأن العمل بإخلاص هو الطريق الوحيد لتحقيق الفارق.
ورغم حجم الملفات التي تولّاها، بقي قريبًا من الناس، يرى الإنسان قبل الورق، ويؤمن بأن الإدارة عمل أخلاقي قبل أن تكون إجراءات رسمية. ترك أثرًا واضحًا في كل موقع خدمه — أثرًا من الانضباط والجدية والعمل بصمت بعيد عن الأضواء. فقد كان رجلًا من طراز نادر؛ قائدًا يصنع الهيبة، ويترك الأثر، ويُشعرك بأن المكان أقوى بوجوده. هو الذي يثبت أن القيادة الحقيقية لا تُعلّم بالكلام، بل بالفعل والموقف، وأن القوة الحقيقية تأتي من الثقة بالقرار ورؤية المستقبل بوضوح.
لم يبحث يومًا عن المنصب، ولم يركض خلف الألقاب، بل حمل الدولة في قلبه، وقاد بروح المسؤول الذي يعرف قيمة الأمانة. أينما وُجد، ترك مؤسسة أقوى، ونظامًا أوضح، وفريقًا أكثر التزامًا وانضباطًا. كان رجلًا يُعلّم بالمثال، لا بالكلام، ويمتلك القدرة على تحويل التحديات إلى فرص، والفوضى إلى تنظيم. كل من عمل معه يعرف أن عطوفته ليست مجرد قائد، بل رمز للمسؤول الذي يرفع مستوى كل من حوله.
وإن أكثر ما يُلهم في شخصيته، هو أن رجالًا بهذه الخبرة والهيبة والقدرة على القيادة كان ينبغي أن تُحفظ لهم مواقع تليق بتاريخهم، وأن تبقى خبرتهم ركنًا من أركان الدولة لا يغيب. تأثير مثل هؤلاء الرجال لا يضيع؛ فهم الذين يجعلون الدولة أقوى، والفريق أفضل، والمواطن يشعر بالأمان. هم الرجال الذين لا يُنسون مهما تغيّرت المواقع أو السنوات.
يبقى عطوفة المحافظ عادل محمود الروسان حاضرًا في ذاكرة كل من عرفه، مثالًا للرجل الذي عاش للدولة، وخدم الوطن بإخلاص، وقاد بمهابة، وترك أثرًا لا يُنسى… أثرًا يثبت أن الوطن لا ينسى رجاله الكبار، وأن بعض الشخصيات تبقى شاهدة على معنى القيادة الحقيقية مهما تغيّرت المواقع والأدوار. اليوم، كل من يتحدث عن الخدمة العامة أو القيادة يعرف أنه حديث عن الرجل الذي صنع فرقًا، وحفظ هيبة الدولة، وجعل من الانضباط والإخلاص عنوانًا لمسيرته.




