شريط الأخبار
اعتقال أربعيني يدير سفارة "وهمية" في الهند 67.6 دينارا سعر الذهب عيار 21 في السوق المحلية رياض محرز وزوجته يعلنان عن جنس مولودهما الجديد وسط أجواء عائلية مميزة صور العمى ..... ربى القضاة وجود أحمد تحجزان الذهب للأردن قبل الجولة الأخيرة من بطولة العرب للشطرنج في المغرب الكرك : بحضور الدكتور عوض خليفات وجمع من شيوخ ووجهاء المملكة.. الشيخ صبري القطاونة يقيم مأدبة غداء في لقاء وطني حاشد استكمالا لمبادرة خليفات .. فيديو وصور الوزير الرواشدة عن ‏المقدم عوض الشريفين : رجل الأمن البشوش استمرارا للتنقلات والنغييرات في المجلس القضائي .. وجبة تشكيلات كبيرة وغير مسبوقة الخميس القادم الرواشدة: مهرجان جرش حقق نجاحًا ثقافيًا باهرًا بسواعد أردنية عاجل: الملك يبحث هاتفيا مع الرئيس الأمريكي المستجدات الإقليمية الاعلاميه ايمان المغربي تكتب: وداعا زياد .. ‌‏ماكرون في اتصال مع الشرع: لابد من حماية المدنيين وتفادي تكرار مشاهد العنف ومحاسبة المسؤولين عنها 5 وفيات جديدة في غزة بسبب المجاعة تركيا: رصدنا تحركات في سوريا لتقسيم البلاد الموت يترصد 100 ألف طفل في غزة ما لم يدخل الحليب فورا وفاة رضيع نتيجة سوء التغذية والمجاعة في غزة ليرتفع العدد إلى 127 بريطانيا ماضية في خطة إسقاط مساعدات غذائية من الجو في غزة ارتفاع ضحايا التجويع في غزة إلى 127 شهيدًا وزيرة النقل تترأس اجتماعا لبحث البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2026-2029 وزير الزراعة يتفقد مصنعا بيطريا قيد الإنشاء في مدينة الحسن الصناعية

موت النزاهة في المجموعة القصصية

موت النزاهة في المجموعة القصصية

القلعة نيوز - بقلم د ميسون حنا /الأردن

الكاتبة د سناء الشعلان وهي الروائية والقاصة كتبت مجموعتها القصصية أكاذيب النساء بحرفية كاتب يملك ناصية اللغة لتطوع الكلمات ، وتعزف عليها قصصها لتخرج مجموعتها القصصية المتضمنة خمس عشرة قصة هي على التوالي: مولانا الكذب، أكاذيب النساء، أكاذيب العدالة، أكاذيب مباحة، تخريصات، صهوات الكذب، أفراح التدليس ومصارع الصادقين، يوم صادق مؤسف جدا، كاذبون بمنتهى الصدق، جارتنا أم الخير، روايات موضوعة، كله تمام، أكاذيب الوسط، تضارب أقوال، ألف كذبة وكذبة .

المجموعة القصصية بمضامينها تعري الواقع الأليم الذي تعيشه الأمة العربية من فساد مستشر حد النخاع ، فهي تعري الكذب وتفضح الحقيقة المكذوبة التي يعيشها واقع مهلهل يقلب الموازين لتصبح الأكاذيب حقيقة نتعايش معها رغم أنوفنا ، ومن الملفت للنظر في المجموعة أن الأشخاص الحقيقيين يُقمعون ويموتون، ويُقهرون ، وبرز ذلك في عدة قصص:

1 – في قصة أكاذيب العدالة : حيث تُقتل الحرة التي رفضت الزواج بمن اغتصبها وهو ابن عمها الفحل الذي كما تقول الكاتبة : أينما اشتهى نط . بينما هي المُعتدى عليها تُدان وتُجرم وتُقتل من قبل رجال عشيرتها وبذلك تعلن النزاهة موتها .

2- في قصة للعدالة وجوه كثيرة : حيث تتحدث عن الشخص الحقيقي الشريف الذي يعيش النزاهة في عالم موبوء، بينما المسؤول الفاسد يرفض نزاهته التي قد تصبح شاهدا على وضاعته وصفقاته المشبوهة فيلفق له التهم وينتهي به المطاف إلى غياهب السجن ليموت نبض النزاهة مرة أخرى .

3- في قصة موت العدالة : حيث تعلن العدالة عن موتها لأنها ترفض أن يكون لها وجوه متعددة ، بل هو وجه واحد مطلق ، لذا نحرت نفسها وذهبت إلى القبر ، وهنا الكاتبة تريد أن تحيي ذكرها في ضمائرنا حيث تقول: ذهبت إلى القبر متمسكة بوجهها الأزلي مهما حاول واقعنا المزيف تشويهها . وهنا تموت النزاهة مرة أخرى .

4- في قصة أقوال مأثورة: حيث يعلق بطل القصة الأقوال المأثورة على حائط غرفته ، مثال: الحيرة هي السيرة المشتركة للباحثين عن الحق . لذا اختار أن يعيش حالة الضياع بين ما يحفظ من اقوال لا تُطبق على أرض الواقع، أخيرا يطلق الرصاص على نفسه لأنه أشجع من أن يعيش حياة المهزلة وهكذا تنتحر النزاهة مرة أخرى .

5- وفي قصة تخريصات : حيث تُحاك الشائعات بدقة وتسلسل حول شريد تعيس ، ومحسن لطيف يجود عليه ببعض الطعام ويحادثه أحيانا ، وهنا تبدأ الشائعات تُحاك حولهما حتى يُصنع منهما قائدي حركة تخريبية هما بريئان منها ، وتُلفق الشائعات بفنية محترفة حتى تنتهي في نهاية المطاف بالحكم عليهما بالإعدام ، ليعلن الوطن انتصاره المزيف على عصابة حسن كامل (الشريد) ، ومراد (المحسن) وبذلك يموت شعاع الأمل أيضا في هذه القصة .

6- في قصة أفراح التدليس ومصارع الصادقين ، قصة فيما ورد في باب أكاذيب الغواني وترهات الشطار :

حيث سُطي على القبيلة بينما غاب رجالها إلى الحرب ، والعصابة الساطية استباحت نساء القبيلة اللواتي لم يتمنعن كما فعلت الحرة التي نحرت بخنجرها رقبة المُعتدي ، فيقتلونها جزاء عفتها ونزاهتها ، وهكذا تُقتل المرأة التي حافظت على شرفها حتى لا تفضح بشجاعتها وعزتها تفريط نساء القبيلة بشرفهن ، وهكذا تموت النزاهة أيضا .

7-في قصة يوم صادق مؤسف جدا : عندما يفوز موظف الدائرة الضريبية التي يرأس قسم الجباية فيها برحلة حج من أحد المراجعين للدائرة، ويعجز أن يبيع الهدية فيقرر أن يستفيد منها حتى النهاية فيقوم برحلة حجه ، وفي الحج يتعرى المرء أمام الخالق فيرى نقائصه ويقرر أن يولد من جديد تائبا ، طاهرا، نقيا ، فيرفضه المجتمع بولادته الجديدة، ويتنكر له أهل بيته ، ويُحارب في عمله ، وأخيرا يستسلم ويتراجع عن توبته في مجتمع موبوء ، وهكذا يموت الصدق إذ يعلن حجنا انتماءه لعالمه القديم، عالم الكذب الذي هو الحقيقة الفعلية التي نعيشها ، فتموت النزاهة وتوأد في حينها .

8- في قصة أكاذيب الوسط : قصة أوراق ميت : حيث عندما خرجت إلى النور مخطوطة الأديب العجوز المدفوع على أبواب الوسط ونُشرت بدعم من جهات رسمية كثيرة ، بعد أن نُقش عليها اسم شخص آخر في الوسط بدل كاتبها الأديب المبدع الذي رفض أي ناشر عمله الأدبي دون مقابل ، وهكذا يعلن الأديب عن موته ويولد مكانه أديب مزور، ويقبل الأديب الجقيقي بهذه النتيجة مقابل أن يرى عمله النور، وهو موت النزاهة أيضا .

9-وفي القصة السادسة من ألف كذبة وكذبة هناك انتحار من حاول السعادة وعاش زيفها ، وعندما وُجد منتحرا تاركا رسالة مكتوب فيها : هذا عالم تعس لا يُطاق ، وهكذا ينتحر النزيه قهرا .

10-في القصة التاسع عشرة من ألف كذبة وكذبة : حكاية الذي لم يعش حياته كما تمنى ولكنه مات كما يشتهي ليبقى خالدا في ضمائر الناس وكأن الناس تريد أن تخلد الصدق والنزاهة فتدفع حياتها ثمنا لذلك .

11- في القصة الخامسة والعشرين من ألف كذبة وكذبة : يُعلّق النزيه على عود المشنقة ليموت شريفا فيتمنى خصمه لو كان هو المشنوق الذي يحظى بحب جماهيري ، فقد عاش بطلا ومات بطلا وهنا موت النزاهة أيضا .

أخيرا في القصة الإحدى والثلاثين من ألف كذبة وكذبة ، وأنا أعتبر هذه القصة الأهم في المجموعة ، حيث تفترض الكاتبة أنه لو تمكن علم هندسة الجينات أن يهندس البشر المتميزين ، النُخب من قادة وفنانين ، ومبدعين، وعلماء، لاختفى من العالم ما اسمه غير النخب وبذلك تبدو الحياة رتيبة ، مملة، وتفقد رونقها إذ لا مقارنة بينها وبين نقيضها الميت ، وهكذا تفقد معناها ، ويبهت نقاؤها، بل يفقد قيمته ، حينها سيشعر الناس أنهم بحاجة إلى عالم جديد فيه شرور حيث تتضح معالم النقاء وجمال الكمال بالمقارنة مع النقيض الشرير، وهكذا سيجدون معنى لحياتهم إذ سيناضلون من أجل الحفاظ على نقائهم بمحاربة الشر .

نحن لا نطلب عالما شريرا ؟، ولكننا بقليل من الشر سنضفي إلى حياة النزاهة الرونق . نحن بحاجة إلى النزاهة التي تكاد تكون معدومة في واقعنا الحالي .

المجموعة القصصية تذرف الدموع على واقع أليم ، وتتخبط وهي تبحث عن القليل من النزاهة التي غالبا ما توأد ليتخلد ذكرها ، هي في الحقيقة لا تموت إذ تحيا في ذاكرتنا وضمائرنا ولكننا بحاجة لها حية بيننا . وأخيرا لا يسعنا إلاّ أن نتضرع للإله ليصلح قادتنا ليقودوا دفتنا نحو الصلاح الذي تحلم به الكاتبة ويحلم به كل مواطن شريف .