قال نائب رئيس الوزراء ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور أمية طوقان إلى أن الأوضاع الإقليمية والمتغيرات في المنطقة تؤثر بشكل كبير على معدلات النمو الاقتصادي في الأردن إما سلباً أو إيجاباً، لكون الاقتصاد الأردني من الاقتصادات المفتوحة على العالم الخارجي وهو ما يجعله عرضة للعديد من الصدمات على المستوى المحلي، مشيراً إلى سعي الحكومة نحو تنويع مصادر الدخل بما يتناسب مع مستوى الأزمات التي تحدث دوليًّا وإقليميًّا ومحليًّا.
وبين الدكتور طوقان أهمية تعديل قانون الاستثمار عن طريق استبدال الإعفاءات الضريبة بالحوافز الاستثمارية وتقديم كافة أشكال الدعم من خلال اتخاذ الحكومة سياسات اقتصادية مبنية على نظام السوق المفتوحة؛ والتي بدورها التي ستزيد من جاذبية البيئة الاستثمارية في الأردن؛ إضافة إلى ضرورة النظر بشمولية تامة حول مصادر ومكونات النمو الاقتصادي، وقياس العوامل والأسباب المؤدية لارتفاع معدلات الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات السابقة.
وأكد الدكتور أمية الطوقان إلى ضرورة النظر بشمولية تامة حول مصادر ومكونات النمو الاقتصادي سواء كانت اقتصادية أو غير اقتصادية مثل سيادة القانون وحرية الرأي وحقوق الإنسان، إضافة إلى دراسة العوامل والأسباب المؤدية لارتفاع معدلات الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات السابقة بناءً على الأدلة والبراهين.
كما وأشار طوقان إلى أهمية الشراكة مع القطاع الخاص، وتسريع عجلة التعاون المشترك بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، مبيناً أن الحكومة قامت بصياغة قانون جديد لهذه الشراكة من خلال تجهيز دائرة تابعة لرئاسة الوزارة وبالتنسيق مع وزارة المالية ووزارة التخطيط لتحضير القانون من الناحية المالية والقانونية والفنية بهدف طرح 6 مشاريع جاهزة للتنفيذ بالشراكة مع القطاع الخاص خلال الفترة القادمة.
كان ذلك في لقاء حواري عقده منتدى الاستراتيجيات الأردني بعنوان «الاستدامة المالية وتحقيق النمو الاقتصادي: مقاربة تقليدية أم نهج جديد» استضاف فيه الدكتور أمية طوقان لمناقشة ورقة بحثية سيطلقها المنتدى حول المالية العامة في الأردن والحاجة إلى مقاربة جديدة في ضوء التغييرات التي فرضتها جائحة كورونا على الاقتصاد الأردني؛ وكان اللقاء برعاية كل من البنك الإسلامي الأردني والبنك الأهلي وكابيتال بنك.
واستعرض المدير التنفيذي لمنتدى الاستراتيجيات الأردني الدكتور إبراهيم سيف في بداية الجلسة، أهم التحديات التي يعاني منها الاقتصاد الأردني والتي تتلخص في النمو الاقتصادي المتواضع ومعدلات البطالة المرتفعة، إضافة إلى التركيبة السكانية للشريحة العمرية ما بين (0-14 سنة) والتي تقارب من 35% من إجمالي السكان؛ مشيراً إلى أن هذه التحديات تفاقم من مستوى الضغط على سوق العمل الأردني على المديين القريب والبعيد، مشيراً إلى أن صافي عدد الوظائف المستحدثة للأردنيين الحاصلين على الدرجة الجامعية (بكالوريوس) يساوي 20,558 وظيفة، في حين بلغ عدد الأردنيين الذين تخرجوا من الجامعات في الأردن يساوي 43,924.
كما استعرض الدكتور سيف بعض المشاهدات المتعلقة بالسياسات المالية، مبيناً أن العجز في الموازنة يعتبر سمة دائمة للحكومات الأردنية المتعاقبة منذ عقود، ومع الانخفاض المتوقع في الناتج المحلي الاجمالي، فهذا يعني أن عجز الموازنة الى الناتج المحلي الاجمالي سيزداد مع نهاية 2021. بالإضافة إلى أن عدداً محدوداً من النفقات الحكومية يشكل جزءًا كبيرًا من اجمالي النفقات الجارية بحيث تكون معظم هذه النفقات لخدمة الدين والرواتب والتقاعد، وأشار في هذا السياق بأن الحكومة لا تمتلك هامش مالي كافٍ فيما يتعلق إعادة تخصيص مواردها المالية، أو أولويات سياستها المالية.
وفيما يتعلق بالإيرادات العامة والإيرادات الضريبية، بين سيف أن الإيرادات العامة، وخاصة الايرادات الضريبية، لم يتماشى مع حجم الاقتصاد الأردني، والذي أدى بدوره إلى ما يسمى ب «التسرب المالي» Fiscal Slippages.، وأشار في هذا السياق إلى أن الايرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي والتي تشكل حوالي 14.8% تعتبر منخفضة عند مقارنتها بعدد من الدول، كما وتعتمد بالدرجة الأولى على ضريبة المبيعات. موضحاً ذلك بأن ضريبة دخل الشركات والضريبة العامة على المبيعات تعاني من وجود العديد من الأنظمة التفضيلية التي تضيق القاعدة الضريبية وتقسم النظام إلى عدة أنظمة ضريبية.
وبين سيف توصيات منتدى الاستراتيجيات الأردني لتحقيق الاستدامة المالية، مشيراً إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات الضريبية، مع محاولة التغلب على التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني، خاصة في ضوء أن حوالي 40? من صافي عدد الوظائف التي تم استحداثها (2016-2018) تعود إلى قطاعين فقط (الإدارة العامة والتعليم)، والمساهمة الضئيلة للإعفاءات الضريبية في تعزيز النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى العمل على قانون ضريبة يضمن العدالة في العبء الضريبي، وشفاف يتجنب الاستثناءات العشوائية، ومرنا ومستجيبا للاحتياجات التنموية، ويوفر إيرادات تساعد على الاستدامة المالية على المدى الطويل. علاوة على العمل على تعزيز المرونة الضريبية من خلال «تنويع» المصادر الضريبية وعدم الاعتماد على ضريبة المبيعات بشكلها الحالي. كما وبين سيف أن على الحكومة تبني سياسة مالية مواجهة للدورة الاقتصادية، حيث أن الملاءة المالية وتوقيت السياسة المالية (التدخل) أمران مهمان للحفاظ على درجات أعلى في استقرار أداء الاقتصاد (لتشجيع استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي)، بالإضافة إلى إعادة النظر في موضوع «النفقات الضريبية»، وحيثما أمكن، ترشيدها وربطها بأهداف تنموية واضحة.
ومن جانبه أكد رئيس الهيئة الإدارية لمنتدى الاستراتيجيات الأردني عبد الإله الخطيب إلى أهمية تكامل وترابط الادوار الاقتصادية والسياسية والإدارية والقضائية في خلق بيئة ممكنة للاستثمار بالأردن؛ إضافة إلى أهمية دراسة الأسباب المؤدية إلى تأخر اتخاذ القرار فيما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية التي تبطئ من عملية النمو في الأردن.
وجرى خلال اللقاء تبادل لوجهات النظر من قبل المشاركين حول النهج الأفضل للتغلب على التحديات الاقتصادية وخلق بيئة خصبة للاستثمار في الأردن في مختلف القطاعات..