شريط الأخبار
الإفراج عن الداعية السعودي الشيخ بدر المشاري الحكومة تتوقع إصدار جدول تشكيل الوحدات الحكومية منتصف العام الحكومة تطلب "احتساب المكافآت" لـ ممثليها في مجالس الإدارة إيفانكا ترامب تذهل الجميع بفستانها الأنيق في حفل تنصيب والدها - شاهد بالصور الصفدي ⁦‪‬⁩يعقد لقاءات موسعة مع نظرائه وزراء خارجية دول أجنبية وعربية ومسؤولين أمميين في دافوس ولي العهد: خلال أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي الصفدي: أمن الأردن يحميه الأردنيون وتفجر أوضاع الضفة يؤثر على المنطقة ولي العهد يلتقي رئيس الوفد البحريني المشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي وزير الخارجية: المنطقة تحتاج أن نتقدم فعلا في إنهاء الحرب على غزة والضفة الغربية ترامب يتوعّد روسيا بعقوبات إذا لم تتوصّل "فورا" إلى حل للنزاع مع أوكرانيا مبعوث ترامب: سأذهب لغزة للتحقق من وقف إطلاق النار "النواب" يُحيل مشاريع قوانين إلى اللجان النيابية المُختصة وزير الشؤون السياسية: مسيرة التحديث حصنت الأردن وجسدت أهم عناصر قوته إدارة ترامب تقبل استقالة السفيرة الأمريكية لدى الأردن الشيباني: رفع العقوبات الدولية هو مفتاح استقرار سوريا وزير الطاقة: 13 مذكرة لاستخراج الثروات الطبيعية في الأردن ولي العهد يشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الموعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وأيسلندا في مونديال كرة اليد بوتين يعلن ارتفاع عائدات روسيا غير النفطية بنسبة 26% في عام 2024 إسرائيل تعرض تسليم أسلحة روسية استولت عليها من غزة ولبنان إلى أوكرانيا

"نعوم تشومسكي" نصير فلسطين اليهوديّ د. حفظي اشتية

نعوم تشومسكي نصير فلسطين اليهوديّ  د. حفظي اشتية

القلعة نيوز:



د. حفظي اشتية

كنا بعدُ أغرارا عندما دلفنا إلى الجامعة الأردنية ببواباتها ذات القباب الجميلة، وأشجار سروها الشامخة، وبناياتها المتواضعة الواعدة.... وتلقفَنا علماءُ العربية العظماء، وهم بضعة نفر، لكنّ كلّاً منهم كان أمة علمية وحده، وقامة معرفية تشرئب لها أعناقنا، نتفيأ ظلالها، وتمتد أنظارنا عاليا بشوق نحو سماها وسناها.

"نهاد الموسى" رحمه الله، أستاذنا العظيم، الذي اعتلى القمم، وتدانت دونه المراتب والهمم، كان باكورة انفتاحنا على النحو العربي بمنهج لغوي معاصر غير تقليدي، يمزج القديم بالحديث، ويؤاخي بين التراث والمعاصرة، ثوابته لا تعرف التحوّل، ونظرته الحداثية لا تحدها حدود، ولا تقيدها قيود.

قرأنا عليه، وأدركنا تحت ناظريه أن هذا البناء المعرفي الهائل المهيب للنحو العربي ليس مجرد مصفوفات من عناصر، أو مسوّغات لحركة إعراب، أو منظومات ألفية، أو خلافات بين الأقطاب....إلخ إنه نظرية عظيمة دقيقة متقنة مترامية الأطراف ضاربة الأطناب، وإن النظريات اللغوية الغربية المعاصرة مدينة للجهد النحوي العربي الذي نهض واستوى على سوقه واستقام قبل ما يقرب من 1400 عام.

ولأنه لم يُردْ أن يكون كلامه مجرد دفقات حماسية، أو بأثر تعصّب عاطفي، فقد دأب في محاضراته على إثبات وجود جذور هذه النظريات الحديثة في آراء النحاة العرب السابقين، ثم توّج جهده في هذا الصدد بتأليف كتيّب صغير الحجم عظيم الأثر، وسمه بـ"نظرية النحو العربي في ضوء النظريات اللغوية المعاصرة" وقف فيه على نظريات العصر اللغوية وأشهر علمائها، ولمع بينهم عالم شهير نحرير بدا كأنه قد قال الكلمة الفصل، وخاتمة المقال، والمستقر الأخير في اللغة والنحو.

إنه "نعوم تشومسكي" ذائع الصيت مالئ الدنيا وشاغل الناس بنظريته اللغوية التوليدية التحويلية....

ولسنا هنا بقصد الحديث في شأن هذه النظرية، لكنّ اهتمامنا ينصبّ على شخصيته الفذّة، وديانته، وآرائه السياسية، ونظرته الثاقبة الصائبة نحو مكائد العالم الغربي، ومناصرته الجريئة الجاهرة للحق العربي في فلسطين، ومعاداته المجاهرة للعدوان الإسرائيلي.

هو بروفيسور وفيلسوف أمريكي، يهوديّ الديانة، يدبّ في عمره الآن حثيثا نحو قرن من الزمان، وقد فاض عقله أنهارا من الكلام منطوقا ومكتوبا، تقيّلها علماء الدنيا وفقهاء اللغة، وأصبحت آراؤه تسري على كل لسان....

وكأنّ هذا العقل قد طفح به الكيل، وكأنّ هذا اللسان قد أعياه النطق فكَلّ، فصمت أخيرا قبل أيام عن الكلام صمتا مهيبا ثقيلا محيّرا يثير الأشجان ويهزّ كل وجدان.

وترك لنا أن نستعيد بلهفة وأسى وحسرة بعض أقواله الشهيرة، وهي وافرة غزيرة لطالبها، عزيزة المنال لفاهمها، مستفزّة للعصف الفكري، مستقطَرة من فكر عبقريّ...

نختار هنا بعضها لإسقاطها على الواقع، والإفادة من تجارب عالم نزيه ألمعيّ. يقول:

ــ الحقوق التوراتية (يقصد الحقوق المزعومة لليهود في فلسطين) ليس لها أيّ مكانة على الإطلاق، لا أحد في العالم يستطيع أن يقول : قبل ألفي عام هذه قصتي لما حدث، ولذلك لديّ حق في القيام بذلك الآن. لا يمكن العيش في عالم بهذا الشكل. لم يحدث أن قدّم أحد في العالم مثل هذه الادعاء. تريد تقديم هذه الادعاء؟! حسنا. لكنْ بعد ذلك اعترف أنك خارج العالم، منفصل عن العالم. إذا كنت تريد حقا أت تلعب هذه اللعبة، فإنّ للفلسطينيين حقا أكبر في الادعاء بأنهم أحفاد السكان منذ أكثر من ألفي عام! لذا، دعْكمْ من خوض هذه اللعبة.

ــ إنْ أردتَ غزو شعب ما، اصنع لهم عدوا وهميا، يبدو لهم أنه أكثر خطرا منك، ثم كن لهم المنقذ.

ــ من أكثر دروس التاريخ وضوحا أن الحقوق لا تعطى، بل تؤخذ بالقوة.

ــ هناك هدف من تحريف التاريخ وجعله يبدو كأن الرجال العظماء فعلوا كل شيء، إنه جزء من كيفية تعليم الناس أنهم لا يستطيعون فعل أيّ شيء، وأنهم عاجزون، وعليهم فقط انتظار رجل عظيم ليفعل ذلك من أجلهم.

ــ العالم مكان غامض ومحيّر للغاية، إذا لم تكن على استعداد لأنْ تشعر بالحيرة، فإنك تصبح مجرد نسخة طبق الأصل من عقل شخص آخر.

ــ حتى تتمكن من السيطرة على الشعب، اجعله يعتقد بأنه هو سبب تخلّفه وأنك قادم لتنقذه.

"نعوم تشومسكي" غربيّ أمريكيّ عاين سياسة الغرب، وعانى منها، ووعاها جيدا، وأدرك خطرها على شعوب العالم، فأراد أن يكون لهذه الشعوب الصائح المحكيّ لإيقاذها، وتحذيرها، وتحريرها من عبودية عاداتها وأفكارها، وسعى أن يكون لها رائدا لا يكذب، يحاول جاهدا مخلصا أن يخلّصها من دروب آلامها، ويرشدها نحو سبل الخلاص والنجاة، ويعيد على مسامعها صوت "دريد بن الصمّة"، ولوعته وحرقة قلبه على قومه الذين لم يطيعوه، ولم يستمعوا إلى قوله :

أمرتهمُ أمري بمنعرج اللّوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغدِ