
القلعة نيوز: بقلم الدكتور محمد الطحان
الوظيفة حين تهدر أعمارنا دون أن نشعر
mohamad.altahaan@yahoo.com
تربينا
منذ الصغر في مجتماعتنا على مقولة ادرس
جيدًا لتحصل على وظيفة جيدة نكبر ونحن نربط الأمن
والاستقرار بالمسمى الوظيفي، والراتب، ومواعيد الدوام، لكن قلّما نسأل أنفسنا ماذا
بعد؟ وماذا ندفع مقابل كل هذا؟ الوظيفة ليست سيئة، ولا يمكن إنكار أهميتها في
تحقيق الاستقرار المادي وبناء الحياة، لكن
المشكلة تبدأ حين تتحوّل من وسيلة إلى غاية،حين تُصبح أيامنا مجرد روتين مقسّم بين
الاجتماعات، والمواعيد، والمهام المتراكمة. في
كثير من الأحيان، نُعطي العمل أجمل ساعات يومنا، وأقوى طاقتنا، وأهدأ أوقاتنا.نعود إلى بيوتنا
بأجساد منهكة، وأذهان مشغولة، وأرواح متعبة>
نؤجل
الأحلام، ونؤجل الراحة، ونؤجل العائلة، لنُكمل المطلوب في الغد. نصحو
على صوت المنبّه لا على رغبة في الحياة نرتدي ملابسنا على عجل، نخرج قبل أن نستمتع
بصباحنا، نقضي
ساعاتنا بين المكاتب والشاشات، نُنجز المهام، ثم نعود لتناول العشاء بسرعة، وننام كي
نعيد الكرّة من جديد تمرّ السنوات، ونفاجأ
أن أبناءنا كبروا ونحن لم ننتبه، أن
صحتنا تآكلت ونحن لم نلاحظ، وأن شغفنا بالحياة قد ذهب ونحن لم نعترف. والمؤلم
أكثر، أن الوظيفة لا تردّ الجميل دائمًا. فمن يُرهق نفسه لعقود، قد يُحال إلى
التقاعد بكلمة، أو
يُستبدل بآخر دون تردّد. في النهاية، ستبقى الوظيفة وسيلة فقط... إذا
أردنا لها أن تبقى كذلك.
فلا تجعل عملك يأخذ منك أكثر مما يستحق. لكن،
هل هذا يعني أن نترك العمل؟ بالطبع
لا.المطلوب
فقط أن نعيد التوازن، أن نستعيد إنسانيتنا داخل الوظيفة، أن نُحسن تقسيم الوقت، ونمنح لأنفسنا ما
تستحق وقتًا
للحياة، ولمن نُحب، ولأنفسنا قبل فوات الأوان.