وقت الشدائد والمحن يعرف الرجال وتستلهم الدروس والمواقف
بقلم : عبد الله توفيق كنعان
أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس
يمر العالم في هذه الآونة بوقت عصيب تنتشر فيه جائحة الكورونا حسب وصف منظمة الصحة العالمية لها، والملاحظ تفاوت قدرة الدول في التعامل مع الكورونا ومحاولة مكافحتها وتجاوزها بإذن الله، معتمدة في ذلك على ما تمتلكه من امكانيات وطاقات مادية وبشرية، في وقت لابد فيه للدول العظمى من إعادة النظر في سلوكها الصناعي القائم على انفاق المليارات نحو صناعة أدوات القتل والتدمير بهدف السيطرة على ثروات وأموال الغير، لقد وجهت بحثها العلمي تجاه صناعة القنابل والصواريخ العابرة للقارات والمحيطات، في حين نجدها اليوم للأسف عاجزة عن توفير أجهزة التنفس الاصطناعي لمرضى الكورونا، كما انه على اسرائيل ( السلطة القائمة بالاحتلال) أن تعيد حساباتها وتدرك أن ترسانتها العسكرية التدميرية الاستعمارية التي تحتل فيها أرض الشعب الفلسطيني وتنتهك يومياً مقدساته الاسلامية والمسيحية لم تعد هذه القوة الهائلة تستطيع حمايتها من عبور الكورونا الى قلب مستعمراتها، فقد آن الآوان لها أن تخجل و تراجع موقفها وتلتزم بالشرعية الدولية وتبحث عن ثقافة السلام والأمن بديلاً عن ممارسات القتل والاحتلال والترهيب ضد أهلنا في فلسطين والقدس، ونحن نعيش اليوم ذكرى يوم الارض الذي استولت وصادرت فيه اسرائيل آلاف الدونمات من أملاك الفلسطينيين واستشهد يومها عشرات الشهداء واعتقل المئات دفاعا عن ارضهم وممتلكاتهم المحتلة عام ١٩٤٨، فعلى العالم اليوم أن يتحد لايقاف جرائمها البشعة ويكافح وباء كورونا الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي كما يكافح وباء مرض الكورونا فكلاهما ينخر في جسد الانسانية ووجود كرامتها وأمنها الصحي والاجتماعي والسياسي .
وفي ظل هذه الأزمة الصحية العالمية ورغم قلة الامكانيات المادية التي يمتلكها الأردن الكبير بقيادته وشعبه، فقد قدم الأردن بعزيمة قائده الهاشمي وجهود حكومته وشجاعة وإقدام جيشه وأجهزته الأمنية المخلصة، يساندهم شعب مؤمن بالله واثق يمتلك الوعي والإرادة، نموذجاً نفاخر به العالم، يدلل على كيفية توجيه الامكانيات القليلة المتوفرة وإدارتها بأحسن طريقة لمواجهة الأزمات، ومن المشاهد التي برزت في هذه الأزمة على الصعيد الوطني الخطابات الملكية السامية المباشرة للشعب، تدعوه أن يطمئن ويتماسك، وبالأمس أيضاً اطمئن جلالة الملك والملكة حفظهما الله على احدى الأخوات المريضات بالكورونا والتي انجبت مولودتها في عملية جراحية دقيقة، أجرتها طبيبة نشمية أردنية، أكدت أن السواعد والخبرات النسائية الأردنية لا تقل في العطاء عن أخيها الرجل الأردني وقت الشدائد والأزمات، كما خاطب صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله حفظه الله الشعب الأردني معزياً له بوفاة إحدى مرضى الكورونا وحريصاً فيه على رفع معنويات الشعب، علماً بأن الأسرة الهاشمية كلها تقف خلف الشعب الأردني بإعتباره عائلتهم الصغيرة والكبيرة، وبحكم عملي بمعية صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال حفظه الله فهو حريص على متابعة ما يجري في الوطن من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه قلبه مع الشعب ودعاؤه بأن يرفع الله البلاء عن الأردن الغالي وعن الانسانية كلها، إنه الأردن الذي شارك سموه شقيقه جلالة الملك الحسين بن طلال رحمه الله مسيرة نهضته المستمرة اليوم وغداً تحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله.
ولا شك أن كل أردني منّا يشعر بالفخر والاعتزاز وهو يطالع على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي المحلية والدولية الكثير من مواقف الشهامة، التي كان عنوانها وأبطالها رجال الجيش العربي ورجال الأمن العام وأجهزتنا الأمنية جميعها، فهذا يساعد إحدى السيدات ويعطيها مخصصاته من الأرزاق ويطلب منها العودة لبيتها ولأسرتها حماية لها من انتشار الكورونا، وآخرون يساعدون إمرأة مسنة لتصل بيت شقيقتها، وقد البسها أحدهم ( فلدته العسكرية) ليزيد من شعورها بالدفء والطمأنينة، أما رجال الدفاع المدني فهم قصة عشق وطنية يطول سردها ولي معهم شخصياً العديد من المواقف كنت قد ذكرت بعضها في مقالات سابقة، فإلى الجندي ورجل الأمن والطبيب والممرض والمعلم والتاجر الوطني الخلوق والى كل من يقف بقلبه وسلوكه مع الوطن وقت الشدائد والمحن، أقول هكذا هم القادة والكبار و النماذج العليا الذين يعلمون أبناء الوطن مضامين المواطنة والخدمة الانسانية الأصيلة، فإلى كل واحد منكم الف تحية وشكر، حمى الله الأردن أرضاً وقيادة وشعباً من كل سوء وبلاء، وحفظ الله الأردن وطناً ننعم فيه بالخير و وجود الرجال الرجال .