ومن يتوكل على الله فهو حسبه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
اما بعد : لا شك ولا ريب ان ما تقوم به الحكومة وقواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية وبتوجيهات ومتابعة حثيثة من ولي امرنا جلالة الملك حفظه الله للحفاظ على سلامتنا هي جهود عظيمة تستحق الثناء والشكر وتتطلب منّا في نفس الوقت الالتزام بهذه التوجيهات والتعليمات حتى تنجح الجهود المبذولة بتكاتف وتعاون الجميع ولا شك ان مخالفة هذه التوجيهات والتعليمات بعد ان ثبت ضرر المخالفة على نفسك وعلى غيرك يترتب عليها عقوبات من الدولة ردعا وزجرا للمستهترين و والفوضويين وتأديبا لغيرهم وإلا لا قدر الله تصبح الامور خارج نطاق السيطرة ولنا ما نراه في دول العالم المتقدم عبرة وآية خاصة اذا علمنا ضعف امكاناتنا الاقتصادية والصحية والبشرية .... وهذه التوجيهات والتعليمات في غالبها توجيهات شرعية ونبوية يخشى عليك لمخالفتها الوقوع في الاثم والوزر والقاعدة الشرعية تقول (لا ضرر ولا ضرار)
وفي نفس الوقت يجب ان لا تتعلق قلوبنا بغير الله وحده . والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (من تعلق شيئا وكل إليه )وان لا نغتر بقدراتنا وثقتنا بأنفسنا بدون الاستعانة بالله واللجوء والتضرع اليه ونظهر ضعفنا وافتقارنا بين يديه وانه سبحانه وتعالى وحده هو القادر على رفع البلاء ودفعه وانه لا ملجا ولا منجا من الله إلا اليه يقول تعالى {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وقد قص لنا القرآن الكريم من خبر اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم خير القرون ففي غزوة حنين وبقيادة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يجتمع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم (12) الف مقاتل وهو عدد ضخم لم يجتمع هذا العدد من قبل في كل غزوات النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فحصل في القلوب نتيجة هذا العدد الضخم من الجنود شيء من العجب والغرور بالقدرات الذاتية فقال بعضهم (لن نهزم اليوم من قلة) وكأن فيها شيء من الاعتماد على الذات فجاءات التربية الربانية لهم فقال سبحانه(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ) ولكن في موطن اخر ولما تعلقت قلوبهم بالله تعالى وحده واظهروا ضعفهم واستكانتهم وذلهم لله مع الاخذ بما تيسر بين ايديهم من اسباب ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ )ويدعو صلى الله عليه وسلم فيقول في دعائه مظهرا ضعفه واستكانته لربه ومتبرأً من حوله وقوته : ((اللهم إنهم جياع فأطعمهم، اللهم إنهم عُراة فاكسهم، اللهم إنهم حُفاة فاحملهم)). فكانت النتيجة : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) نسأل الله ان لا يعلق قلوبنا بغيره وان يرفع عنا البلاء ويصرف عنا الداء مطلق الحجايا