القلعة نيوز:
ما تزال "الجرة" والإبريق الفخاري عالقاً بأذهان الكثيرين قبل أن تغزو "الثلاجة" بيوت الناس حافظت "الجرة" والإبريق الفخاري بصفتهما الحافظ الأمين لمياه الشرب، على علاقة تاريخية مع الإنسان تمتد الى أكثر من 8000 عام لتروي قصة الأجداد الفنانين الذين حولوا التراب ليس الى تحفة فقط بل الى ضرورة حياتية.
تلك هي قصة الفخار الذي عاد ثانية رغم أنف "المبردات" الحديثة ليروي علاقة الإنسان بماضيه وتراثه وحضارته. فصناعة الفخار كما يؤكد خبراء لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) كانت من أهم الإنجازات البشرية وتطورت فنونها على مدى آلاف السنين إلا أن شغف الإنسان بتاريخه وتعلقه به أعاد هذه الصناعة ثانية الى الواجهة بعد تطوير أدواتها ومدخلات إنتاجها.
مديرة معهد تدريب مهني السلط اعتزاز شنيكات التابع لمؤسسة التدريب المهني، تقول، إن قسم الخزف بالمعهد يساهم بشكل جوهري بإحياء تراث الأجداد عبر تقديم التدريب المتخصص للذكور والإناث منذ تأسيسه عام 2003، حيث يتلقى الطلاب تدريباً عملياً على فنون تشكيل الطين باستخدام الدولاب ومن ثم حرقه بالفرن وزخرفته.
وأكدت أن المعهد يعمل على صقل مهارات الطلاب بأعلى مستويات التدريب تحت إشراف مدربين ذوي خبرة لتمكينهم
بعد التخرج من دخول سوق العمل، مشيرة إلى الاعتناء بتطوير القسم بأحدث التقنيات لمواكبة التطورات الحديثة، ومنها استحداث الطباعة ثلاثية الأبعاد، لإنتاج قطع خزفية أكثر تميزا مستوحاة من تراث مدينة السلط العريقة، والمعروفة بكونها وجهة سياحية وتراثية.
وأشارت الى الإقبال اللافت على هذا التخصص سواء كان من المجتمع المحلي أو الدول الخارجية، موضحة أن المعهد ينظم دورات بالتعاون مع مجلس اللامركزية في محافظة البلقاء، ونعمل مع وزارة السياحة على استقطاب طلاب في قسم الخزف والنسيج كما يشارك المعهد في الفعاليات الثقافية والمهرجانات بما فيها مهرجان جرش لدعم الحرف التقليدية والتراث الأردني.
كما أشارت الى رواج "فن الدولاب"، حيث يصل راتب العاملين بهذه المهنة التراثية إلى 1500 دينار يرتفع الى 3000 دينار في الأسواق الخارجية ما يجعل هذا الفن من المهن المجزية ذات الدخل العالي.
مدربة الرسم على الخزف دعاء أبو طالب، تؤكد أن قسم الخزف يجذب أفراد المجتمع المحلي بمختلف فئاتهم العمرية، خاصة النساء اللواتي يبحثن عن مشروع منزلي يدر دخلاً جيداً، مشيرة الى أن هذه الحرفة تسهم في دعم الاقتصاد وتمثل جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية.
ويشير المدرب في صناعة القطع الخزفية عبر الدولاب محمد الوشاح، الى أبرز التحولات في هذا القطاع سواء من حيث تطوير المواد أو الأدوات المستخدمة، وبما يساهم في تحسين أساليب الإنتاج لتلبية أذواق عشاق هذا المنتج.
وأشار الوشاح إلى تميز الخزف الأردني عبر إضافة تقنيات الفسيفساء بشكل إبداعي واحترافي، مُستلهم من تراث الأجداد، مشيرا الى اهتمام الفنادق والمطاعم باستخدام القطع الخزفية سواء بشكل قطع تذكارية أو لتقديم الأطعمة لما لها من فوائد صحية.
وأكد أهمية التدريب الذي تتراوح مدته بين 300 - 1200 ساعة، أي ما يقارب ثلاثة شهور، مشيرا الى أن التسويق الإلكتروني والمعارض المحلية والدولية عزز من انتشار هذه الحرف وزيادة المبيعات.
ولصناعة الفخار قصة مستوحاة من إرث عائلي تحكيها نعمة الرشيدي المشرفة على الإنتاج في المعهد التي تقول إنها تجمع المواد الخام من جبال ماعين ومادبا ومنطقة العارضة في أطراف السلط، ثم تشرع بتحويلها إلى طين نقي خالص باستخدام تقنيات مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة، بدون إضافة أي مواد كيميائية.
تقول نعمة، بدأت قصتي مع هذا الفن منذ أشعلت جدتها في نفسها شغف الفخار عندما كانت تشاهدها وهي في عمر ثمانية أعوام تصنع الأواني بمهارة في المنزل، ومن هنا، بدأت نعمة رحلتها التي امتدت لثلاثة عقود وهي تتعلم وتطور مهاراتها في العجن والتشكيل، حتى أصبحت تقود العملية بحرفية وإتقان.
يسرى محمد تقول إنها التحقت بدورة صناعة الخزف عن طريق مجلس محافظة البلقاء بهدف المشاركة في البازارات خاصة في البحر الميت؛ نظرا لنسبة إقبال السياح فيه وتشاطرها هذا الطموح المتدربة بيسان عايد التي تقول: "ما لفتني خلال التدريب الرسم على الفخار أن الرسومات من وحي التراث الأردني، وهو ما يسهم في إيصال هذا التراث إلى العالم بأكمله".
الخبير الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري أشار إلى الحاجة الملحة لخلق فرص عمل جديدة للشباب، معتبرا أن صناعة الفخار من الحلول المثلى لأن الاستثمار بها غير مكلف مقابل العائد المادي المجزي، إضافة الى أنها فن يضفي على العاملين في هذا المجال عامل التشويق النابع من التراث الثقافي.
أستاذ الآثار في كلية البترا للسياحة والآثار بجامعة الحسين بن طلال الدكتور محمد الطراونة يشير الى الجانب التاريخي للأواني الفخارية كمرآة للإبداع الإنساني عبر العصور، لافتا الى التجارب الإنسانية الاولى في صنع أوعية طينية غير مشوية تحولت فنونها مع الزمن قبل أكثر من 8000 عام بعد اكتشاف طرق حرقها وشيّها بالنار.
وفي العصور اللاحقة، يقول الطراونة، استمر تطوير صناعة الفخار وبدأت كل حضارة تنتجه تلبية للضرورات الاقتصادية والثقافية، لافتا الى "الجرة الكنعانية" التي استخدمت في نقل زيت الزيتون من فلسطين إلى مصر كما تحكيها لوحة مصرية تظهر سفينة كنعانية تنقل هذه الجرار وعمالا من مصر يحملونها خلال المراحل المتأخرة من العصر البرونزي.
وقال، إن من أشهر أنواع الفخار الذي تميزت به منطقتنا الفخار النبطي خاصة فخار ما يسمى بـ "قشرة البيضة" كتعبير لرقة هذا الفخار والجودة العالية في تصنيعه.
لنقل الماء من عيون وادي موسى إلى مدينة البترا الأثرية، كما تميزت منطقتنا في العصر الإسلامي الوسيط بصناعة أنواع مميزة من الفخار منها الفخار المزجج، والذي يبدو للوهلة الأولى أنه آنية زجاجية.
تلك هي قصة الفخار الذي عاد ثانية رغم أنف "المبردات" الحديثة ليروي علاقة الإنسان بماضيه وتراثه وحضارته. فصناعة الفخار كما يؤكد خبراء لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) كانت من أهم الإنجازات البشرية وتطورت فنونها على مدى آلاف السنين إلا أن شغف الإنسان بتاريخه وتعلقه به أعاد هذه الصناعة ثانية الى الواجهة بعد تطوير أدواتها ومدخلات إنتاجها.
مديرة معهد تدريب مهني السلط اعتزاز شنيكات التابع لمؤسسة التدريب المهني، تقول، إن قسم الخزف بالمعهد يساهم بشكل جوهري بإحياء تراث الأجداد عبر تقديم التدريب المتخصص للذكور والإناث منذ تأسيسه عام 2003، حيث يتلقى الطلاب تدريباً عملياً على فنون تشكيل الطين باستخدام الدولاب ومن ثم حرقه بالفرن وزخرفته.
وأكدت أن المعهد يعمل على صقل مهارات الطلاب بأعلى مستويات التدريب تحت إشراف مدربين ذوي خبرة لتمكينهم
بعد التخرج من دخول سوق العمل، مشيرة إلى الاعتناء بتطوير القسم بأحدث التقنيات لمواكبة التطورات الحديثة، ومنها استحداث الطباعة ثلاثية الأبعاد، لإنتاج قطع خزفية أكثر تميزا مستوحاة من تراث مدينة السلط العريقة، والمعروفة بكونها وجهة سياحية وتراثية.
وأشارت الى الإقبال اللافت على هذا التخصص سواء كان من المجتمع المحلي أو الدول الخارجية، موضحة أن المعهد ينظم دورات بالتعاون مع مجلس اللامركزية في محافظة البلقاء، ونعمل مع وزارة السياحة على استقطاب طلاب في قسم الخزف والنسيج كما يشارك المعهد في الفعاليات الثقافية والمهرجانات بما فيها مهرجان جرش لدعم الحرف التقليدية والتراث الأردني.
كما أشارت الى رواج "فن الدولاب"، حيث يصل راتب العاملين بهذه المهنة التراثية إلى 1500 دينار يرتفع الى 3000 دينار في الأسواق الخارجية ما يجعل هذا الفن من المهن المجزية ذات الدخل العالي.
مدربة الرسم على الخزف دعاء أبو طالب، تؤكد أن قسم الخزف يجذب أفراد المجتمع المحلي بمختلف فئاتهم العمرية، خاصة النساء اللواتي يبحثن عن مشروع منزلي يدر دخلاً جيداً، مشيرة الى أن هذه الحرفة تسهم في دعم الاقتصاد وتمثل جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية.
ويشير المدرب في صناعة القطع الخزفية عبر الدولاب محمد الوشاح، الى أبرز التحولات في هذا القطاع سواء من حيث تطوير المواد أو الأدوات المستخدمة، وبما يساهم في تحسين أساليب الإنتاج لتلبية أذواق عشاق هذا المنتج.
وأشار الوشاح إلى تميز الخزف الأردني عبر إضافة تقنيات الفسيفساء بشكل إبداعي واحترافي، مُستلهم من تراث الأجداد، مشيرا الى اهتمام الفنادق والمطاعم باستخدام القطع الخزفية سواء بشكل قطع تذكارية أو لتقديم الأطعمة لما لها من فوائد صحية.
وأكد أهمية التدريب الذي تتراوح مدته بين 300 - 1200 ساعة، أي ما يقارب ثلاثة شهور، مشيرا الى أن التسويق الإلكتروني والمعارض المحلية والدولية عزز من انتشار هذه الحرف وزيادة المبيعات.
ولصناعة الفخار قصة مستوحاة من إرث عائلي تحكيها نعمة الرشيدي المشرفة على الإنتاج في المعهد التي تقول إنها تجمع المواد الخام من جبال ماعين ومادبا ومنطقة العارضة في أطراف السلط، ثم تشرع بتحويلها إلى طين نقي خالص باستخدام تقنيات مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة، بدون إضافة أي مواد كيميائية.
تقول نعمة، بدأت قصتي مع هذا الفن منذ أشعلت جدتها في نفسها شغف الفخار عندما كانت تشاهدها وهي في عمر ثمانية أعوام تصنع الأواني بمهارة في المنزل، ومن هنا، بدأت نعمة رحلتها التي امتدت لثلاثة عقود وهي تتعلم وتطور مهاراتها في العجن والتشكيل، حتى أصبحت تقود العملية بحرفية وإتقان.
يسرى محمد تقول إنها التحقت بدورة صناعة الخزف عن طريق مجلس محافظة البلقاء بهدف المشاركة في البازارات خاصة في البحر الميت؛ نظرا لنسبة إقبال السياح فيه وتشاطرها هذا الطموح المتدربة بيسان عايد التي تقول: "ما لفتني خلال التدريب الرسم على الفخار أن الرسومات من وحي التراث الأردني، وهو ما يسهم في إيصال هذا التراث إلى العالم بأكمله".
الخبير الاقتصادي الدكتور قاسم الحموري أشار إلى الحاجة الملحة لخلق فرص عمل جديدة للشباب، معتبرا أن صناعة الفخار من الحلول المثلى لأن الاستثمار بها غير مكلف مقابل العائد المادي المجزي، إضافة الى أنها فن يضفي على العاملين في هذا المجال عامل التشويق النابع من التراث الثقافي.
أستاذ الآثار في كلية البترا للسياحة والآثار بجامعة الحسين بن طلال الدكتور محمد الطراونة يشير الى الجانب التاريخي للأواني الفخارية كمرآة للإبداع الإنساني عبر العصور، لافتا الى التجارب الإنسانية الاولى في صنع أوعية طينية غير مشوية تحولت فنونها مع الزمن قبل أكثر من 8000 عام بعد اكتشاف طرق حرقها وشيّها بالنار.
وفي العصور اللاحقة، يقول الطراونة، استمر تطوير صناعة الفخار وبدأت كل حضارة تنتجه تلبية للضرورات الاقتصادية والثقافية، لافتا الى "الجرة الكنعانية" التي استخدمت في نقل زيت الزيتون من فلسطين إلى مصر كما تحكيها لوحة مصرية تظهر سفينة كنعانية تنقل هذه الجرار وعمالا من مصر يحملونها خلال المراحل المتأخرة من العصر البرونزي.
وقال، إن من أشهر أنواع الفخار الذي تميزت به منطقتنا الفخار النبطي خاصة فخار ما يسمى بـ "قشرة البيضة" كتعبير لرقة هذا الفخار والجودة العالية في تصنيعه.
لنقل الماء من عيون وادي موسى إلى مدينة البترا الأثرية، كما تميزت منطقتنا في العصر الإسلامي الوسيط بصناعة أنواع مميزة من الفخار منها الفخار المزجج، والذي يبدو للوهلة الأولى أنه آنية زجاجية.