شريط الأخبار
مكتب نتنياهو ينفي تقارير إسرائيلية عن أن حماس ردت على مقترح وقف إطلاق النار الحكومة: إعفاء المنشآت التجارية من رسوم رخص المهن لعام 2025 لسلطة إقليم البترا الحكومة: مصممون على البدء بتنفيذ ميناء معان البري المومني يعلن قرارات مجلس الوزراء من معان رئيس الوزراء يطلب تزويده بتفاصيل السيارات الحكومية وتكاليفها العيسوي يلتقي وفود شعبيعة في الديوان اللكي لماذا يفهم الناس كلامك كما يريدون وليس كما تقصد؟ الحكومة في تقرير "راصد" رئيس الوزراء من معان: مشاريع تنموية كبيرة لتوفير فرص العمل وتعزيز الاقتصاد محكمة استئناف عمان تقرر براءة الشيخ سالم الفلاحات من تهم التزوير هدنة غزة: المفاوضات باتت في «مراحلها النهائية» "الغذاء والدواء": شركتان متورطتان بقضية اللحوم منتهية الصلاحية حسّان يفتتح مركز الخدمات الحكومي الشامل في معان حسّان: معان ستكون محافظة استراتيجية للعديد من المشاريع الكبرى مؤتمر صحفي للحكومة في معان الصفدي يزور لبنان الخميس لماذا تأخر الإعلان الرسمي عن اتفاق وقف النار في غزة؟ الكاردينال بارولين: العلاقات بين الأردن والفاتيكان ممتازة السفير الفلسطيني في عمان يثمن مكرمة الملك بإرسال أكبر قافلة مساعدات لغزة السرحان: تشكيل المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل يعزز قطاع الاتصالات

الدباس يكتب : التاجر "أبو حسين" .. صورة الأمانة وسط طوفان الفساد

الدباس  يكتب : التاجر أبو حسين .. صورة الأمانة وسط طوفان الفساد
محمود الدباس - ابو الليث
حين تقف أمام بساطة رجل كأبي حسين.. ذلك التاجر الذي تجده في قلب الحي الشعبي في منطقة البحيرة في مدينتي الأصيلة السلط.. تتأمل صورة نادرة تكاد تختفي في زحام الجشع والطمع.. رجل يعرض بضاعته بشفافية مطلقة.. لا يخفي عنك ما يختبئ خلف الرفوف.. ولا يبيعك الوهم في ثوب الحقيقة.. عندما سألته عن سعر "رول" تغليف الطعام الذي اشتريته منه.. قال بثقة وصدق: "ثلاثة دنانير".. لم يرفع السعر رغم أنّ الجميع يفعل.. لأنه يعي أن تلك البضاعة اشتراها بسعرها القديم.. ولن يلوث نقاءه باستغلال ظرف.. أو أزمة..


في زمن يضج بالمحتالين والمتربحين من آلام الناس.. يكون وجود تاجر كأبي حسين.. صورة مشرقة.تعيد للأذهان معنى الأمانة.. ففي لحظة كان يستطيع أن يضيف بضعة دنانير.. ولن يجد من يحاسبه أو يلومه.. لكنه آثر أن يحفظ العهد مع نفسه ومع الله.. ومع زبائنه الذين يثقون به.. فهو يدرك أن الربح الحقيقي.. ليس فيما يدخل الجيب.. بل فيما يدخل القلوب من احترام وتقدير..

ثم تنقلب الصورة حين تطالع الأخبار الصادمة.. عن تجار لا يملكون ذرة من الإنسانية ولا الأخلاق ولا الشرف.. يتجرؤون على توزيع اللحوم الفاسدة بين الأسواق.. بضاعة يعلمون يقيناً.. أنها خطر على صحة المواطن وسلامته.. لكنهم لا يكترثون.. فعيونهم معلقة بما ستجنيه جيوبهم من دنانير ملوثة.. لا فرق لديهم.. بين ما هو حلال.. وما هو حرام.. وكأنهم قد نسوا أن وراء تلك اللحوم أطفالاً ونساءً ورجالاً.. يثقون بما يأكلون.. فيا لعارهم.. ويا لسواد قلوبهم.. ويا لقبحهم..

حين أقارن بين أبي حسين وهؤلاء.. أشعر أن كلمة "تاجر" لا تليق بأن توصف بها الفئتان.. فأبو حسين.. هو نموذج للتاجر كما ينبغي أن يكون.. رجل يحترم مهنته.. ويحترم الناس.. أما الآخرون.. فهم تجار الجشع والخيانة والعار والقبح.. الذين باعوا ضمائرهم على مذابح الطمع..

وهنا.. لا بد من دعوة صريحة للحكومة.. لتكثيف جهودها في محاسبة كل من يجرؤ على تعريض صحة المواطن للخطر.. والأهم من ذلك هو كشف أسماء هؤلاء المتاجرين علناً.. لأن الشفافية.. هي المفتاح الذي يعيد بناء الثقة بين الحكومة والمواطن.. ولن يكون في ذلك أي تأثير سلبي على الاقتصاد.. كما قد يدعي البعض.. أو يتخوف.. بل على العكس تماماً.. فهذا الإجراء.. سيمنح المواطن الثقة في الأسواق.. وفي قرارات الحكومة.. وسيدعم التجار الشرفاء.. الذين يتعاملون بأمانة واحترام مع الناس..

إن المجتمعات تنهض.. حين يكون فيها أمثال أبي حسين.. وتتراجع.. حين تهيمن عليها قوى الجشع والطمع.. فلنتكاتف جميعاً.. أفراداً وحكومة.. لدعم التجار الأمناء.. وكشف المتلاعبين.. الذين لا يرون في الإنسان سوى مصدر لمال السحت.. الذي يتغذون عليه.. لأن الأوطان لا تُبنى. إلا على نقاء القلوب.. وصدق العطاء.. ولا تصان.. إلا حين تكون الأمانة هي القاعدة.. لا الاستثناء.