القلعة نيوز:
في خطوة هامة، أعلنت الحكومة الأردنية عن نيتها إيقاف العمل بنظام الإجازة بدون راتب لموظفيها لمدد مفتوحة، وتحديد سقف الإجازة بأربع أشهر للمرة الواحدة، بحيث لا يتجاوز المجموع الكلي للإجازات بدون راتب سنة واحدة طيلة مدة الخدمة. أثار هذا القرار الكثير من الانتقادات نظراً لحرمان الموظف من تحسين أوضاعه وتقييد حريته، لكن الجانب الإيجابي الذي يحمله هذا القرار يتجلى في إمكانية تغيير الفكر السائد من الاعتماد على الأمان الوظيفي إلى تبني نمط الريادة والحرية المالية.
يؤثر هذا القرار على حوالي 12 ألف موظف حكومي يعملون حالياً في الخارج، ما قد يدفعهم للعودة إلى البلاد أو فقدان وظائفهم الحكومية. ورغم ما قد يبدو من صعوبة في البداية، إلا أن للقرار آثاراً إيجابية محتملة على الأفراد والاقتصاد بشكل عام.
أولاً: يمكن أن يحفز القرار هؤلاء الموظفين على بدء مشاريعهم الخاصة بعد العودة من الخارج أو حتى قبلها. فبدلاً من العودة إلى وظائف حكومية محدودة الإمكانيات، يمكن لهؤلاء الموظفين توجيه مهاراتهم وخبراتهم المكتسبة في الخارج نحو ريادة الأعمال. هذا التحول يمكن أن يدعم الاقتصاد بطرق متعددة، من خلال إنشاء مشاريع صغيرة ومتوسطة تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتقليل معدل البطالة.
هذا ينطبق على جميع المغتربين، سواء كانوا موظفي الحكومة أو القطاع الخاص الذين قرروا الاستقالة قبل اغترابهم. هؤلاء المغتربون يمتلكون رأس مال معقول يمكن استثماره في نشاط تجاري أو ريادي بدلاً من الاستثمار في الأصول العقارية ذات العائد القليل.
وفقاً لدائرة الإحصاءات العامة، شهد معدل البطالة في الأردن ارتفاعاً ملموساً في السنوات الأخيرة، حيث بلغ حوالي 21.4% في الربع الرابع من عام 2023. ان تعزيز روح ريادة الأعمال يمكن أن يكون حلاً فعالاً لهذا التحدي، حيث تسهم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بنسبة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، إذ تشكل حوالي 40% من الناتج المحلي وتوظف نحو 60% من القوى العاملة في القطاع الخاص.
ثانياً: يمكن أن يؤدي توجه الموظفين نحو ريادة الأعمال إلى زيادة الابتكار والإبداع في السوق الأردني. إن الخبرات المتنوعة التي اكتسبها هؤلاء الأفراد في الخارج يمكن أن تترجم إلى أفكار جديدة ومبتكرة، تعزز التنافسية وتساهم في نمو الاقتصاد. كما يمكن لهؤلاء الرواد الاستفادة من المبادرات والمشاريع الحكومية الداعمة للشركات الناشئة.
بفضل البيئة الاستثمارية المحسنة والاهتمام المتزايد برواد الأعمال، يمكن أن يشهد الأردن زيادة في الاستثمارات المحلية، خاصة إذا وضعت استراتيجيات وخطط لتشجيع المغتربين على الاستثمار ومنح تسهيلات ومحفزات مخصصة لهم.
في الختام: يمكن تحويل التحديات التي قد يواجهها الموظفون العائدون إلى الأردن بعد سنوات من العمل خارج البلاد إلى فرص. بما يمتلكونه من سيولة نقدية ومهارات جديدة، يمكن توجيهها لتعزيز ريادة الأعمال، مما يساهم في توفير فرص عمل جديدة، وتقليل البطالة، وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي.
م.مناف الظهيرات