شريط الأخبار
الأردن و"الفاو" يبحثان تعزيز الأمن الغذائي والتكيف مع التغير المناخي الاردن يعزي فيتنام بضحايا الإعصار لجنة للتحقيق بعد إصابة طلبة مدرسة إثر تسرب غاز من المختبر وزير العدل يبحث والسفيرة الهولندية تعزيز التعاون القانوني بين البلدين مختصون: إدراج قصر الملك المؤسس على "الألكسو" يبرز مكانة الأردن القاضي والمطران الطوال: الوصاية الهاشمية حافظت على هوية القدس العيسوي يلتقي وفدًا من كلية دي لاسال الفرير صور تظهر "ترامب نائماً" تلهب المواقع والبيت الأبيض يرد ( شاهد ) بعد الغزل.. أوربان يعلق على رفض متحدثة البيت الأبيض عرضه القلعة نيوز تنشر مشروع قانون الموازنة لعام 2026 ( تفاصيل ) مذكرة نيابية تطالب الحكومة بتثبيت عمال المياومة وفاة الداعية المصري زغلول النجار في الأردن مجلس النواب يستمع الثلاثاء لخطاب الموازنة العامة لسنة 2026 السفير الصيني في عمّان: أتطلع للعمل بما يخدم مصالح البلدين الرواشدة يلتقي نظيره القطري في الدوحة الأردن يسيّر قافلة مساعدات جديدة تضم 16 شاحنة إلى سوريا إصابة طلبة مدرسة بضيق تنفس بعد تسرب غاز من المختبر وزير النقل: الجسر العربي نموذج ريادي لتعزيز التكامل البحري العربي الخرابشة يترأس اجتماع مجلس الشراكة بالطاقة للاستفادة من الفرص الاستثمارية بالعراق شهيد في غارة اسرائيلية جنوب لبنان

الفاهوم يكتب : الجامعة التنموية في عصر الذكاء الاصطناعي عقل الأمة ومحرك مستقبلها

الفاهوم يكتب : الجامعة التنموية في عصر الذكاء الاصطناعي عقل الأمة ومحرك مستقبلها
الأستاذ الدكتور أمجد الفاهوم
نحن نعيش في زمن السرعة والتكنولوجيا، ففي الوقت الذي تتسابق فيه الأفكار كما الضوء، وتتبدّل فيه مفاهيم التعليم والعمل تحت ضغط ثورة الذكاء الاصطناعي، لم تعد الجامعة مجرد منبرٍ للعلم، بل أصبحت عقلَ الأمة وضميرَها الحي. ولا يبدو العالم كما كان، فهذا العالم المتحوّل الذي تُقاس فيه قوة الدول بعقول أبنائها لا بعدد مصانعها، تغدو الجامعة التنموية الحقيقية هي البوصلة التي توجه الوطن نحو مستقبلٍ يصنعه العلم لا يُملى عليه.
وقد عبّر جلالة الملك عبد الله الثاني عن جوهر هذا التحوّل حين قال: "لا يمكن للأمم أن تتقدم إلا إذا استثمرت في عقول شبابها، فهم الثروة الحقيقية والضمانة للمستقبل.” فالمستقبل اليوم لا يُبنى بالحجارة بل بالمعرفة، ولا يُقاس بارتفاع الأبراج بل بعمق الفكر. والجامعة التنموية هي التي تدرك أن التنمية ليست في الجدران، بل في الإنسان، وأن الذكاء الاصطناعي ليس خصمًا للعقل البشري بل شريكًا في توسيع آفاقه.
وهاهي الثورة الصناعية الرابعة قد شارفت على الأفول لتبدأ الثورة التقنية الخامسة، حيث تتبدل أدوار الجامعات من مراكز تلقينٍ إلى منصات إبداعٍ، ومن مؤسسات شهاداتٍ إلى مصانع أفكارٍ. من هنا تتجلى رؤية سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني الذي قال: "التكنولوجيا إن لم تكن وسيلة لخدمة الإنسان، فهي عبء عليه.” إنها دعوة عميقة لأنسنة المعرفة، بحيث تبقى الجامعة خادمةً للإنسان لا عبداً للتقنية، وأن يكون التقدم الرقمي جسرًا إلى الوعي لا جدارًا يعزله.
ولا بد من الإشارة بأن التحديات أمام هذا النموذج الجامعي كثيرة، تبدأ بفجوة رقمية تتسع بين الأجيال، وتمر بجمود بعض المناهج أمام زحف الحداثة، ولا تنتهي عند ضعف الصلة بين التعليم وسوق العمل. ومع ذلك، فإن الرؤية الهاشمية لطالما أكدت أن النهضة لا تتحقق إلا حين تتناغم مخرجات التعليم مع احتياجات التنمية. وكما قال جلالة الملك: "لا نريد جامعات تُخرّج عاطلين عن العمل، بل نريد جامعات تصنع فرصًا وتنتج حلولًا.” إنها رسالة بليغة تختصر فلسفة الجامعة التنموية التي يجب أن تكون بيتًا للحلول لا مصنعا للشهادات.
أما الأمير الحسن بن طلال، فكان دائم التأكيد على أن الجامعة يجب أن تكون "ضمير الأمة وعقلها المتقد”. فليست الجامعة بناياتٍ ومختبراتٍ فحسب، بل فضاءٌ روحيٌّ وفكريٌّ يجمع بين البحث والتأمل، بين الإبداع والمسؤولية، وبين العلم والقيم. إنها منصة تُعيد تعريف التنمية لا كمفهومٍ اقتصادي ضيق، بل كحالةٍ إنسانيةٍ متكاملة تنهض بالإنسان والبيئة والاقتصاد في منظومةٍ واحدةٍ متناسقة.
ولكي تكون الجامعة التنموية نموذجية في أدائها، لا بد أن تقوم على أسسٍ ثلاث: أولها شراكةٌ حقيقية مع المجتمع والقطاعين العام والخاص لإنتاج المعرفة وتطبيقها؛ وثانيها دعم البحث العلمي التطبيقي الذي يخدم احتياجات الوطن قبل سباق التصنيفات العالمية؛ وثالثها تمكين الشباب وتحرير طاقاتهم عبر بيئةٍ جامعيةٍ مرنةٍ ومفتوحةٍ، تُحفّز الإبداع وتربط الفكر بالإنتاج.
ولعلّ كلمات سمو ولي العهد الأمير الحسين تختصر جوهر هذا التحول حين قال: "جيلنا ليس أمامه خيار سوى أن يكون صانعًا للتغيير، لا متفرجًا عليه.” تلك هي روح الجامعة التنموية التي تبث في طلبتها ثقافة المبادرة، وتزرع فيهم شغف الإسهام في بناء الوطن، مؤمنةً بأن المستقبل لا يُنتظر بل يُصنع بالإرادة والعلم والعمل.
وهكذا، في عالمٍ تتغير فيه الخوارزميات أسرع من المناهج، وتتحول فيه الأفكار إلى ثروات، تظل الجامعة التنموية حصنَ العقل ورافعةَ الأمة. إنها جسرٌ بين الحلم والواقع، بين الفكر والفعل، بين الإنسان وما يمكن أن يكون عليه إن أُتيح له أن يفكر بحرية ويبدع بمسؤولية. ففي قاعاتها تُكتب فصول المستقبل، وعلى مقاعدها يجلس صُنّاع الغد الذين سيُعيدون للوطن مجده، وللعلم رسالته، وللإنسان مكانته في عالمٍ يقوده الذكاء… لكن يضيئه الضمير.