شريط الأخبار
وزير السياحة يزور المواقع الأثرية في محافظة الزرقاء الخارجية اللبنانية تناشد المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان تحذيرات من تدهور خدمات المختبرات ووحدات الدم في قطاع غزة الغذاء والدواء تحذر من التعامل مع جهات غير مرخصة لتوصيل الأغذية وزير النقل: شركة الجسر العربي ثمرة جهود عربية ناجحة ماكرون: 26 دولة التزمت بالضمانات الأمنية لأوكرانيا إدانة عربية لإجراءات إسرائيل في عزل مدينة القدس والتضييق على سكانها الأردن: نكرس كل إمكاناتنا لمواجهة محاولات تغيير الوضع في مقدسات القدس مسؤول أميركي: ترامب ضغط على زعماء أوروبا لوقف شراء النفط الروسي وزارة الصحة في غزة : 84 شهيدًا في القطاع خلال 24 ساعة وزير الصحة يفتتح فعاليات مؤتمر الصمامات القلبية الأردني السادس رئيس مجلس النواب يرعى حفل إشهار كتاب للنائب شاهر شطناوي وزير الخارجية يتراس اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة بالتحرك لمواجهة السياسات الإسرائيلية في القدس وزير الثقافة يرفع لجلالة الملك وولي عهده برقية تهنئة بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف الصحة اللبنانية: شهداء وجرحى جراء غارات إسرائيلية على جنوب لبنان أمس عطية: تصريحات الضم وتقسيم الضفة إعلان حرب وتهديد مباشر للأردن وزير الخارجية: نواجه نظاما إسرائيليا لا حد لوحشية حروبه التدميرية على غزة خطة إسرائيل لاحتلال غزة تنذر بتهجير مليون فلسطيني النائب آل خطاب يوجه رسالة للرئيس حسان المقاومة: مستعدون لإطلاق سراح جميع الأسرى

الساعات الأخيرة

الساعات الأخيرة

أ.د. صلاح العبّادي

لا تقاس الخطورة بعدد التهديدات؛ بل بتزامنها، ومنطقة الشرق الأوسط اليوم على صفيح ساخن، بعد تبادل الضربات العسكريّة بين إسرائيل وإيران.


وأضحت هذه المرحلة مشبعة بالإشارات الحمراء، بعد أن ضاقت المسافة بين الدبلوماسيّة والتصعيد!

فلا نوايا صافية .. ولا خطوط مضمونة .. والطريق ضيّق على حافة الهاوية.

وإذا تم تفعيل آلية الزناد الأمريكي، فكيف سيكون رد طهران؟ وهل ستنزلق الأمور لمواجهة عسكريّة أمريكية إيرانيّة؟

الشرق الأوسط تحول إلى مسرح تضيئه النيران وتخفيه الروايات المتضاربة، بعد أن صمتت الدبلوماسيّة وتكلمت الصواريخ !

إيران كانت تتحدث قبل الساعات الأخيرة بلهجتين؛ إذا كان وزير خارجيتها عباس عراقجي يروج بأنّ الاتفاق النووي في المتناول، بينما وزير الدفاع العميد نصرالله نصير زاده، كان يلوح بالرد المباشر على كل قاعدة عسكريّة أمريكية في المنطقة، ويُذكّر بصاروخ أختبر قبل أيام رأسه الحربي يزن طُنين. بالمقابل كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يزداد شكّاً، ويعلن بأنّ ثقته بنجاح التفاهم بدأت تتآكل، ويؤكّد بأنّ الخيار العسكري لم يُبعد عن الطاولة!

الولايات المتحدة الأميركية شهدت قبل بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران تحركات سياسيّة واجتماعات مكثفة، على وقع تأخر تحقيق تقدمٍ في المفاوضات.

واستضاف الرئيس ترامب اجتماعاً في منتجع كامب ديفيد حول إيران، بحضور قادة عسكريين. وأعقب الاجتماع اتصال بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي بدوره دعا إلى جلسةٍ عاجلة للمجلس الأمني المصغر. وبعد ذلك أصدرت هيئة بريطانيّة بحرية تحذيراً بحرياً من توترات متزايدة في مضائق هرمز والخليج العربي وخليج عُمان.

على وقع هذه التطورات سمح وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، بالمغادرة الطوعية لأفراد أُسر العسكريين من مواقع في أنحاء الشرق الأوسط.

ومع بدء الضربات العسكريّة الإسرائيليّة كانت قد انتهت المهلة التي حددها ترامب للتوصل إلى اتفاق مع إيران.

مجلس محافظي الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة كان في ذلك الوقت يستعد لإصدار قرار توبيخ ضد إيران؛ نظراً لعدم امتثالها لالتزاماتها في مجال منع الانتشار النووي، وذلك لأول مرة منذ عشرين عاماً.

بدورها كانت إيران تتأهب للرد مع موعد فرض العقوبات الأوروبيّة في شهر تشرين أول المقبل.

نبرة ترامب بشأن المفاوضات مع إيران كانت قد تحولت إلى التشاؤم مقارنة بتفاؤله السابق، وهو ما دفع إلى تغير الأمور بوتيرة متسارعة قبل الجولة المفترضة من المحادثات قبل أن تنسحب إيران منها، عقب الضربات الإسرائيليّة.

الولايات المتحدة الأمريكية كانت تخطط إلى تنفيذ ضربة محدودة ضد البرنامج النووي الإيراني؛ لتعزيز مصداقية التهديد العسكري، ودفع المفاوضات قدماً. في وقت كانت تهدد إيران باستهداف المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط كوسيلة ضغط، وكانت المعلومات الاستخباراتية الأمريكية تشير إلى احتمالية حدوث ذلك، وهو ما فسر الإجراءات الأمريكية الاحترازية التي كانت قد أُتخذت قبل الضربات الإسرائيليّة.

الأمر الذي دفع ترامب إلى تغيير لهجته بخصوص إيران وأخذت تتصاعد وتختلف تماماً عمّا كان متبع خلال الأشهر الخمسة الماضية، بعد أن كان يسعى إلى تحقيق نوعاً من الانفراجة الدبلوماسيّة مع إيران.

أدرك الرئيس ترامب بأنّه يتم التلاعب به من خلال لعبة الوقت، التي يتقنها المفاوض الإيراني.

وكان ترامب قبل ذلك يضم صوته إلى معسكر وزير الخارجيّة ماركو روبيو، الذي كان يرى إمكانية منح الولايات المتحدة برنامجاً نووياً سلمياً لإيران؛ لكنّ ذلك تغير، وبدأ يفكر بأن يكون التعامل معها بشكل مختلف؛ من خلال تنفيذ عملية عسكرية ضد إيران من خلال إسرائيل.

كما أن الاجراءات التي أتخذتها الولايات المتحدة قبل الساعات الأخيرة من الضربات العسكرية الإسرائيلية، كانت تبعث رسائل تحذير لإيران التي لم تلتقطها؛ على أمل تغيير موقفها المتشدد في المفاوضات.

إيران أضاعة الفرصة التي كانت متاحة لها؛ للتراجع عن موقفها المتشدد، والذهاب إلى المفاوضات قبل اتخاذ الحل العسكري.

وبشكل مباغت أطلقت إسرائيل عمليتها المعقدة "الأسد الصاعد" ضد إيران.

الضربة جاءت ثمرة لسنوات طويلة من التحضير الذي قامت به أجهزة الاستخبارات الإسرائيليّة، لا بل إنّ هذه الأجهزة هي التي قادت العمليّة.

نفذت الضربات العسكرية في مواقع مختلفة؛ بما فيها وسط إيران؛ حيث تتمركز فيها المنشآت النووية الحساسة.

عملت فرق كوماندوز تابعة لجهاز الموساد الإسرائيلي على نشر أنظمة تشغيل لأسلحة موجهة بدقة عالية في مناطق مفتوحة قرب مواقع تمركز أنظمة الصواريخ الإيرانيّة المضادة للطائرات.

مع بدء الهجوم الإسرائيلي وبالتوازي مع تنفيذ المقاتلات الإسرائيليّة غارات في أنحاء إيران، تم تفعيل هذه الأنظمة وتوجيه الصواريخ بدقة عالية نحو الأهداف دفعة واحدة.

في الحملة الثانية التي استهدفت احباط قدرات الدفاع الجوي الإيرانيّة، التي تشكّلُ تهديداً للطائرات الحربيّة الإسرائيليّة قام الموساد بزرع أنظمة هجومية بتكنولوجيا متطورة داخل مركبات بعمليات سريّة، وعند إنطلاق الهجوم أطلقت هذهِ الأسلحة التي دمرت أنظمة الدفاع الجوي الإيرانيّة.

وفي الحمّلة الثالثة أنشأ الموساد قاعدة للطائرات المسيّرة الإنتحارية تم تهريبها إلى عمق الأراضي الإيرانيّة قبل فترة طويلة من بدء الهجوم، عبر عملاء الموساد. وخلال الهجوم تم تفعيل هذهِ الطائرات المسيّرة المتفجرة؛ وإطلاقها نحو قواعد إطلاق الصواريخ الإيرانيّة من طراز أرض أرض من قاعدة قرب طهران. وبعد ذلك أخذت الضربات الإسرائيلية تتوالى على إيران.

إمكانيات إيران وعمقها الاستراتيجي دفعها للرد على الضربات التي تلقتها، خصوصاً وأنّها كانت مؤثرة على مفاصل إدارة أنظمة التحكم والسيطرة في إيران، وهو الأمر الذي سيدفعها إلى مواصلة تبادل الضربات بينها وإسرائيل، بعيداً عن قواعد الاشتباك.

يبدو أنّ المؤشرات تشير إلى صعوبة عودة إيران إلى طاولة المفاوضات، لاسيما وأنّ الرئيس ترامب ظهر بأنّه كان على علمٍ بالضربات الإسرائيليّة الموجهة لإيران قبل ساعة الصفر.

المرحلة المقبلة يبدو بأنّها ستشهد اضعاف إيران على كافة المستويات، وبالتالي فإنّ الملف الإيراني سيكون بحكم المجمد حالياً، حتى يتم التوصل إلى الحكم على قدرات إيران العسكريّة والنووية بعد مسلسل الضربات المتتالية؛ لاستعادة الهيبة.

"الرأي"