القلعة نيوز : عبد الحميد الهمشري
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني "الشرق الأوسط الجديد" مصطلح صهيو - غربي يجري التساوق معه ضمن مصطلحات ذات مفهوم وغايات مرسومة بقصد ترويجها كـ "النظام العالمي الجديد، الشرق الأوسط الكبير ، الشرق الأدنى" وهلمجرا من مسميات مبتدعة ، ويجري إعادة التركيز على ذلك منذ ما اصطلح عليه بـ حراك" الربيع العربي " الذي كانت بدايته تمثل صحوة في الضمير الشعبي العربي ، لكن هذه الصحوة أثارت قلق استعمارين مرتبطين ببعضها بعضاً كتوأمين سياميين لا يمكن الفصل بينهما ، فالتقت مصالحهما بالعمل على توجيه بوصلة هذا الربيع العربي لصالحهما بتوجيهه نحو زعزعة استقرار وأمن دول المنطقة خدمة لأهداف صهيو استعمارية من خلال نشر ما اصطلح عليه " الفوضى الخلاقة " والتي انطلقت منذ التجييش الذي جرى منذ العام 1991على العراق والذي ما زال مستمراً رغم احتلاله وتفكيك مختلف مؤسساته وتشويه دستوره بفعل توجيهات برايمر الحاكم الإداري للعراق بعد الاحتلال ، وكان لثورة الاتصالات الهائلة أثرها البالغ في خدمة هذه الفوضى وحرف النوايا الصادقة التي انطلق الربيع العربي في سبيل تحقيقها عن مسارها الصحيح خدمة لأهداف هذه الفوضى الأمريكية الخلاقة والتسويق الصهيوغربي للكيان العبري وفق ما ورد في نص وعد بلفور البريطاني والتطرف اليميني في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية التي على ما يبدو أن ذلك فرض انجرار ساستها كلياً ليكونوا الداعمين لأطماع دهاقنة السياسة الصهاينة من بعد اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي وبقية سيناتورات آل كنيدي الذين جرى اغتيالهم كونهم على ما يبدو كانوا رافضين لنووي الدولة العبرية ، ما أقض مضاجع بن غوريون وليفي أشكول وباقي الساسة الصهاينة في تل الربيع في حينه ، فنائب كينيدي الذي تسلم الرئاسة الأمريكية مباشرة من بعده هو من رعى العدوان الصهيوني الذي ما زال مستمراً دون توقف منذ العام 1967 على مختلف الدول العربية سواء باحتلال أجزاء من الأرض العربية ما زالت الضفة وقطاع غزة والجولان السوري ثمرة هذا العدوان تحت الاحتلال أو العبث بأمن واستقرار كل دول المنطقة العربية من شمال آفريقيا والقرن الأفريقي حتى غرب آسيا ..بطيبعة الحال الفوضىى الخلاقة تصب في صالح هذين الاستعمارين العنصريين حيث يسعى كل منهما فرض أجندته على الآخر ليخلو له الجو في فرض هيمنته على قلب العالم القديم الذي ما زال منذ الأزل مفتاح التحكم والهيمنة على العالم بأسره ، فلكلا الفريقين من الاستعمارين السيواقتصادي أمريكي والسيو استيطاني احتلالي صهيوني أجندته التي يسعى من خلالها التحكم في هذا العالم بمفاصله من ألفه إلى يائه ، وكليهما في توجهاته عنصري الغايات والأهداف .. التطرف ونشر الفوضى والفتن ، السبيل الأمثل الذي يحقق لكل منهما ما يرسمه ويبتغي الوصول إليه في سبيل إخضاع الشعوب بالدسائس وبث الضغينة لتأجيج نيران الحقد بين مكوناتها جميعاً ليركل بعضهم بعضاً كما يركل لاعبو الكرة القدم الساحرة المستديرة بأقدامهم .. وكلما اعتقدنا بفشل هذين التوجهين أو تراجعهما برز لنا ما يوحي بأنهما ما زالا في أوجه نشاطهما ويسعيان وبأساليب مبتكرة جديدة تمنحهما القدرة على المناورة والنفاذ لمكامن كل قطر عربي والاستمرار من خلال اللعب على حبال الشعوبية المقيتة وبث روح الخلاف والاختلاف بين مكونات الشعب العربي الواحد في مختلف الأقطار العربية باستخدام أسلوب الجزرة تارة والعصا في غالب الأحيان كاختبارات ترويضية لتصبح في المجمل في خدمة شرورهم . فالتوجه الصهيو - أمريكي يهدف من الفوضى الخلاقة تغيير قواعد لعبة سايكس بيكو التي حققت نجاحاً في تمزيق الوطن العربي بتمزيق الممزق تسهم في تقسيم الدول القائمة لدويلات إثنية ودينية طائفية ترجع المنطقة العربية لعهود ما قبل النهوض العربي والانبعاث الإسلامي، كأن تصبح كل من مصر والعراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان دولاً عديدة يأخذ التناحر بين تقسيماتها الجديدة مأخذه ، وكذا الحال بالنسبة لجزيرة العرب ودول المغرب العربي والقرن الأفريقي المشتعل منذ تسعينيات القرن الماضي ، وعلى القمة بين هذه المكونات المستجدة المزمع تشكيلها تكون دولة عبرية احتلالية استيطانية قائدة لها جميعاً تظل متماسكة بفضل دعم الولايات المتحدة العسكري والاقتصادي واللوجستي لها ، فالتقسيم للمنطقة في واقع الأمر يخدم عملية التطبيع للدولة الصهيونية التي ظلت تعاني من عزلتها كونها جسداً غريباً غرس غرساً بالمنطقة العربية ،هذا التوجه اتخذته الولايات المتحدة بعد فشلها المرير في العراق وأفغانستان فارتأت أن تعهد لربيبتها الدولة العبرية تنفيذ مخططها الاستعماري بتدمير دول عربية وتجزئتها لتتحول لكونتونات ديمقراطية متصارعة تدور جميعها في فلك الانقياد الصهيو -أمريكي. ولطالما تناول مفكرون وساسة وقادة عسكريون استراتيجيون وعلماء نفس واجتماع صهاينة وأمريكان وأوروبييين لرسم مفاتيح استمرار الهيمنة على المنطقة برمتها فإن المطلوب من دول المنطقة العربية حكاماً ومحكومين ومن مختلف الأصول دعم العيش المشترك بين مختلف مكوناتها الذين عاش جميعهم في ظلال الدولة العربية بإخاء ومحبة ووئام دون تمييز للصالح العام بالوقوف صفاً واحداً وسداً منيعاً أمام سياسة الفرقة التي لا تخدم سوى سيادة وهيمنة الصهيو أمريكية حتى لا تذهب ريح الجميع خدمة للعدو الصهيوني إن كانوا حريصين على إفشال المخطط المرسوم صهيو أمريكياً الساعي لتفكيك بنى المنطقة العربية جراء بلقنتها... فــ " الفوضى الخلاقة " و " تسويق الكيان العبري "استراتيجية الأحلام الصهيو - أمريكية لتقويض الأمن والاستقرار الإقليمي العربي.