مهنا نافع
لا يمر القليل من الأسابيع الا ونطالع العديد من المقالات التي تطرح موضوع اللجوء السوري، فيتم تكرار الكثير من المحاور التي أجد اهمها الوضع العام للأردن وما يعانيه من أزمة للمياه وقلة بالموارد، ويتم ذكر تبعات هذا اللجوء على العديد من النواحي المعيشية للمواطن سواء من ارتفاع بأسعار ايجارات المنازل وزيادة بنسبة البطالة لدى الشباب ويتم كذلك التوسع بالطرح ليصل أثر هذا اللجوء على الزيادة السنوية لنسبة التضخم، وقد أصبحت هذه النقاط واضحة جلية لا لبس فيها وقد اتفق مع العديد منها ولكن بالتأكيد ليس جميعها، فتبعات عودتهم لبلادهم ان لم تكن على فترات متباعدة فهي لن تختلف كثيرا عن تبعات قدومهم التي كانت وما زالت واضحة بتأثيرها على العديد من النواحي الاقتصادية.
لا يمكن لأي قضية تتعلق بالعمالة ولها ما لها من آثار غير جيدة على اي ناحية من نواحي الاقتصاد الا وكان لها جانب آخر جيد على ناحية أُخرى، ولكن من النادر من يحاول ذكر الجانب الآخر وخاصة ان كان بالفعل يعاني هو او اي من أفراد اسرته من وطأة ذلك، ولكن لا بد لمن يرغب الخوض بهذا الموضوع ان يحيط بكلا جانبيه، وذكر الجانب الآخر لا يعني ابدا ان الوضع الحالي هو من القضايا التي يجب قبولها على سجيتها، انما هو طريقة لفهم الواقع واحاطة كل نواحيه المتناقضة بهدف الوصول لانسب الطرق للتخفيف من اضراره إضافة لمحاولة الحصول على بعض المنافع منه.
العمالة الوافدة للأردن من بعض الدول العربية والاجنبية موجودة قبل اللجوء السوري وكان هناك الكثير من الاطروحات التي تتعلق بتأثيرها على زيادة نسبة البطالة ولكن بقيت كما هي لا بل ازداد عددها رغم ضررها على جانب هام يتعلق بالاقتصاد، فاغلب ما يتم تحصيله من دخل من قبل هذه العمالة يتم (تحويله للخارج) كونه يتعلق بأفراد لا ترافقهم عائلاتهم، تماما بعكس العمالة من اللاجئين السوريين فغالبا كل ما يتم تحصيله من سوق العمل يتم أنفاقه داخل الأردن، ونادرا ما يحول للخارج، كون ارتباط هذه العمالة بعائلاتهم المقيمة على الأراضي الأردنية.
إن العمالة من اللاجئين السوريين لديها خلفية ممتازه بعدة صناعات ومنها على سبيل المثال لا الحصر صناعة الملابس التي حاليا توظف العديد من العمالة الشرق آسيوية التي يمكن إحلال هذه العمالة مكانها، واذكر لكم ايضا نجاح احد الصناعات الغذائية التي تفوقت بوجود هذه العمالة السورية وهي صناعة الحلويات الشرقية التي لا بد لصانعها معرفة الكثير من الأسرار لاتقانها، فما الضير من أن يتعلم أولادنا هذه الأسرار من خلال وجودهم بهذه المعامل التي وظفت العديد منهم، فقط كل ما نحتاجه تغليظ للعقوبات لمن لا يتقيد بالنسب المقررة للعمالة الأردنية، ونحن نعلم الان ان المنتج الأردني من هذه الأصناف الغذائية من الحلويات يحظى برواج وسمعة طيبة وخاصة بدول الخليج، حتى أصبح آخر ما يقوم به السُياح قبل مغادرتهم الأردن هو شراء ما طاب لهم من تلك الحلويات متقنة الصنع.
عندما يستوعب اي بلد هذا الرقم الهائل والذي تجاوز المليون وسبعمائه الف نسمة فمن الطبيعي ان يتوسع إقتصاده للتأقلم مع هذا العدد وكمثال لتوضيح ذلك لنأخذ إدارة مصنع لمنتج ما فبعد ان وجدت هناك ازديادا كبيرا على ما يورد للأسواق قامت باستيراد المزيد من الاجهزه وتم توظيف المزيد من الأيدي العاملة وبالتالي ارتفع ما تدفعه من ضرائب وبالتالي بَنت الحكومة خططها على هذا الدخل، هي سلسه مترابطة لا يمكن اغفالها وخاصة انها تتعلق بالرقم المرتفع الذي ذكرناه.
لا بد أن أذكر ان اللاجئ السوري ليس بتلك السعادة ببعده عن بلده ونتمنى له ولبلده كل الخير، ولكن يجب أن نعلم ان عودته إليها يجب أن تكون بالتدريج، فكما استوعب وتأقلم الاقتصاد على وجود هذا العدد الهائل فيجب أن يتأقلم بالتدريج على انخفاضه، وقد آن الأوان للتوقف عن ذكر سلبيات وجود هذا اللجوء لمن يرغب الخوض بذلك بدون التوجه نحو اقتراح الطرق والاساليب للتقليل من اضراره قدر الإمكان، والتي منها الاستفادة من خبراته لحينما عودته لبلده بإحلاله وبالتدريج كذلك وبنفس شروط التوظيف مكان العمالة الوافدة العربية والشرق آسيوية التي تعمل بالعديد من المصانع وتقوم بتحويل ملايين الدولارات سنويا لخارج الأردن، فالعمالة من اللاجئين السوريين بعكس ذلك تماما فكما ذكرنا ستنفق كامل دخلها على عائلاتها المقيمة لدينا وهذا بالطبع له العديد من النواحي الجيدة على الاقتصاد بالمقارنة مع غيرها.