شريط الأخبار
الطاقة والمعادن: جولات رقابية لضمانالالتزام بالقانون وسلامة إجراءات العمل الأونروا: نحو 660 ألف طفل في غزة لا يتلقون أي تعليم مدرسي بسبب الحرب بني مصطفى تشارك في حوار حول التمكين السياسي نفّاع: مجلس النواب يُؤمن أن مشاركة المرأة السياسية ضرورة وطنية نقابة الصحفيين: تحية إجلال للعمال الذين يشكلون نبض الإنتاج وزارة العمل: توفير أكثر من 48 وظيفة من خلال البرنامج الوطني للتشغيل الاتحاد العام لنقابات العمال ينظم حفلاً بيوم العمال العالمي / شاهد بالفيديو والصور الشاعر الأردني محمد القيسي يتغنى بقصيدة شِعريه بمدح صاحب الشهامة والأخلاق الحميدة سعادة المحامي محمد نمر عمرو أبو رعد ..فيديو لليوم الرابع .. العدل الدولية تعقد جلساتها لمساءلة إسرائيل أبو خضير يكتب : "حديث علمي وإداري منفتح... في 'مينامار'... أبو صعيليك يؤكد : لا تقدم إقتصادي بدون تحديث للإدارة العامة" . الحباشنة يكتب : رسالة مودة ورجاء الى قادة سوريا وزير الثقافة يرعى حفل تخريج الفوج الثامن والثلاثين لطالبات وطلاب مدارس العروبة الثانوية / صور الصفدي يهنىء بعيد العمال الارصاد : أجواء ربيعية معتدلة وفرص لهطول زخات مطرية الخميس القلعة نيوز تهنيء بعيد العمال انجازات قطاع الاقتصاد الأخضر في البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي للربع الأول 2025 وزير الإدارة المحلية يوجه كلمة للقطاع البلدي بمناسبة عيد العمال "البوتاس العربية" تحقق أرباحاً صافية قدرها (47) مليون دينار خلال الربع الأول من عام 2025 انخفاض ملموس على درجات الحرارة اليوم وانحسار الغبار تدريجياً ليلًا الملك :"كل عام وعمال الأردن بألف خير"

سمحان يكتب في ذكرى وفاة والدة : شيب شعره وتجاعيد وجهه

سمحان يكتب في ذكرى وفاة والدة : شيب شعره وتجاعيد وجهه
الصحفي شادي سمحان
مرت أربع سنوات على رحيلك، يا أبي، ولا يزال قلبنا يحمل ذلك الحزن العميق الذي لا يغيب. ورغم مرور الوقت، تبقى ذكرياتك حية فينا، وكأنك لم تغادرنا. لكن وسط هذا الحزن، هناك نورٌ مشرق ينبع من أيام الطفولة التي عشناها معك، ومن معاناتك التي كنت تحملها من أجلنا، ومن الفخر الذي نشعر به كلما تذكرنا عملك في الخياطة التي امتهنتها بجدٍ وصبر، والتي كانت تمثل لك أكثر من مجرد عمل؛ كانت أملًا، وكانت حياة.
أبي، لقد عشت حياتك بألم، ولكنك لم تدع هذا الألم يثنيك عن تقديم أفضل ما لديك لنا. كنت مثالًا للقوة والصبر، ورغم معاناتك، كنت دائمًا تلملم جراحك وتضع لنا أنت الأمان، حتى نعيش في سعادة وأمان. كل يوم كان يحمل تحديات جديدة، ولكنك كنت تواجهها بابتسامة خفيفة على وجهك، وكأنك تزرع الأمل فينا دون أن تشعر.
أذكر أيام طفولتي عندما كنت أرافقك إلى مكان عملك. كنت أشعر بسعادة غامرة، وكأن العالم بأسره يتوقف عند تلك اللحظات. كانت لديك غرفة صغيرة مليئة بالأقمشة، وأدوات الخياطة التي كنت تُبدع في استخدامها. كان المكان يعج برائحة الجلد والخيوط، وكان يحيطك هدوءٌ عميق أثناء عملك، رغم التعب الذي كان يبدو على وجهك. كنت تضع كل جهدك في كل قطعة قماش، وكان عملك يعكس شرفك، وعزيمتك، وحبك لنا.
كنت دائمًا تروي لنا كيف كانت الخياطة بالنسبة لك ليست مجرد مهنة، بل كانت وسيلةً لتوفير لقمة العيش لنا. كنت تعاني في صمت، ولا تشتكي أبدًا. كنت تستيقظ باكرًا وتظل تعمل لساعات طويلة، لكنك لم تتذمر قط. كانت حياتك مليئة بالتحديات، ولكنك كنت تحملها على كتفيك بحبٍ وكرامة. كنت دائمًا تقول لنا: "العمل شرف، والصدق في العمل هو ما يجعلنا نعيش بكرامة."

أبي، الآن وبعد مرور سنوات، أرى في ذهني صورتك كما كانت في تلك الأيام: شعرك الذي بدأ يغزو بياضه تدريجيًا، وتلك الخيوط البيضاء التي أخذت تسكن رأسك برفق، وكأنها شاهدٌ على السنوات التي قضيتها تعمل وتجتهد من أجلنا. كنت دائمًا تحاول إخفاء تعبك، لكننا كنا نرى في تجاعيد وجهك تلك القصص الصامتة، تلك التي تحكي عن السهر والعمل والجهد الذي بذلته بلا كلل. كانت التجاعيد التي ملأت وجهك بمثابة خارطة من الذكريات، كل تجعيدة كانت تحكي عن تضحية، وكل شعرة بيضاء كانت تروي قصة صبر.
أبي، لا زلت أتذكر كلماتك عندما كنت أتذمر لك من تعب العمل، وتلك اللحظات التي كنت تشاهد فيها معاناتي وأنت تصبرني. كنت أشتكي لك من بيع الكريزة، وبيع الترمس، والذرة والسحبة، وكنت أقول لك إنني تعبت من جمع النحاس، لكنك كنت ترد عليّ بكل هدوء وقوة: "اليوم الحمد لله لاقين خبز نوكل، الله يعلم كيف رح تكون أيامكم، وأنا يابا بدي تكونوا زلام وتتحملوا عشان إذا جارت الدنيا عليكم ما تقعدوا بالبيت، وتشتغلوا أي شغل وتكونوا قد المسؤولية." كنت ترى فينا الرجال القادرين على مواجهة الحياة بصلابة.
أتذكر بكائي في الليل من شدة الألم في قدمي، وأنت تجلس بجانبي وأنت غير قادر على النوم. كانت أمي، اطال الل بعمرها ، تجلس بجانبي، تدلك قدمي بزيت الزيتون وتضع لي المشد على قدمي. كانت توبخني وتقول لي: "طول اليوم بتركض وبتلعب فطبل واخر اليل بتيجي تعيط من رجليك." كنت تتنهد وتطمئن عليّ، وكأن قلبك لا يهدأ حتى تتأكد أنني أغمضت عيني ووجدت الراحة. كنت تراقبني حتى يغلبني النوم، وتعلم أن قلبك قد هدأ حين تطمئن عليّ.

وعندما أتعب، أجد نفسي أتوجه إلى قبرك، أدعو لك وأتحدث معك، وكأنك أمامي، رغم أنني أعلم أنني أتحدث إلى حجارة، إلى شاهدٍ يتواجد فوق رأسك. أروي قصتي، أتحدث عن تعبي وهمومي، وكأنك تسمعني. رغم كل شيء، لا أستطيع أن أكف عن زيارة قبرك، ولا أستطيع أن أبتعد عن المكان الذي يعطيني السكون والراحة، ولو للحظات. هناك، حيث لا أحتاج إلى كلمات، فقط أتحدث إليك في صمت، وأشعر أنك موجود بجانبي، تنصت إلى همسات قلبي.
كم أتمنى لو أنك كنت موجودًا لتراني اليوم وأنا على أبواب جامعة القاهرة، أواصل مشواري الدراسي الذي بدأته معك قبل رحيلك عن هذه الدنيا. لقد كان حلمك أن ترى أبناءك يتعلمون، ويكملون ما بدأته أنت بحب وصبر. اليوم، أستكمل وصيتك لي بأن أكون السند لأخوتي ووالدتي، وأن أعمل جاهداً لتحقيق وعدي لك بأنني سأحصل على شهادة الدكتوراه. هذا الحلم الذي كان حلمك أنت أيضًا، وها أنا اليوم أُكمل هذا المسار على أمل أن أحقق ما حلمت به لنا جميعًا.
أبي، لم تكن مجرد والد، كنت صديقي ومعلمي، كنتَ الشخص الذي ألجأ إليه في كل لحظة، حتى في أحلك الظروف. اليوم، ورغم مرور أربع سنوات على رحيلك، ما زلت أشعر بك في كل خطوة أخطوها. أشعر بك في كل مجهود أبذله، في كل تعب أتحمله، وفي كل قرار أتخذه. كنتَ أنتَ الدافع، وأنتَ القوة التي أرشدتني في الطريق.
في هذا اليوم، أتذكر كل لحظة معك، كل ضحكة، وكل كلمة منك. وكلما اشتدت بنا الدنيا، نجد عزاءنا في ذكراك، وفي الدروس التي تركتها لنا. رحمك الله يا أبي، وأسكنك فسيح جناته، وأنت في قلوبنا دائمًا، لا تغيب. سيظل حبك حيًا فينا، وسيظل وفاؤنا لك هو نور طريقنا.