
د.نسيم أبو خضير
يمر الأردن بمرحلة حساسة تستوجب من الجميع ، وفي مقدمتهم الأحزاب السياسية ، وقفة وطنية صادقة ومسؤولة . فالتحديات التي تواجه الأردن لم تعد تقليدية أو محلية فحسب ، بل باتت جزءًا من مشهد إقليمي معقّد ، يتطلب من الأحزاب أن تنهض بدورها الحقيقي بعيدًا عن الشكليات والشعارات المستهلكة .
إن المطلوب من الأحزاب الأردنية اليوم أن تتبنّى خطابًا وطنيًا جامعًا ، يتجاوز الاصطفافات الجهوية أو الفئوية ، ويعزز ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها . هذا الخطاب يجب أن يُترجم إلى برامج سياسية وإقتصادية وإجتماعية واقعية ، قابلة للتطبيق ، وتعكس فهمًا عميقًا لهموم المواطن واحتياجاته .
كما أن المرحلة تستدعي من الأحزاب تفعيل أدوراها تحت قبة البرلمان من خلال رقابة حقيقية وتشريع فعّال ينهض بمستوى الدولة ، ويعكس طموحات الشارع الأردني . وهنا ، لا بد أن تبتعد الأحزاب عن التكتلات المؤقتة والمصالح الضيقة ، وأن تتجه نحو بناء تكتلات حزبية برلمانية قوية تعبّر عن الرأي العام وتحمي المصالح العليا للدولة .
ولا يمكن تجاهل أهمية انخراط الأحزاب في العمل الشبابي والمجتمعي ، وتقديم مبادرات تنموية على الأرض، خاصة في المحافظات والأطراف ، لتعزيز الثقة بالممارسة الحزبية ، وتجسيد الشراكة الحقيقية بين المواطن والحزب .
في ظل الضغوط الاقتصادية ، والأزمات الإقليمية المتلاحقة – وعلى رأسها العدوان المستمر على غزة والقضية الفلسطينية – يتعين على الأحزاب أن تكون حاضرة في المشهد السياسي ، مساندة لموقف الدولة الأردنية ، داعمة لوحدة الصف الداخلي ، ومحاربة لكل أشكال التطرف والكراهية والانقسام .
إننا بحاجة لأحزاب تتقن فن الإدارة السياسية ، وتضع مصلحة الوطن قبل كل شيء . أحزاب تملك الرؤية لا مجرد الطموح ، والمصداقية لا مجرد الوعود .
إننا نراهن على وعي قيادات الأحزاب ، وعلى إرادتهم في الانتقال من مربع التلقي إلى مربع الفعل ، ومن الإنتقاد إلى البناء. فالوطن أمانة ، والتاريخ لا يرحم المتقاعسين .