شريط الأخبار
اجتماع أردني سوري لبحث التعاون بقطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الجيش يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرتين مسيّرتين بالاسماء : ترفيع متصرفين إلى رتبة محافظ وإحالتهم للتقاعد سعد الصغير ينتقد شقيق إبراهيم شيكا: عيب بنك صفوة الإسلامي.. نمو مالي وريادة مجتمعية والثقة بلا حدود لإدارته الحكيمة الحجاج يتوافدون إلى مكة وسط تدابير مشددة ودرجات حرارة مرتفعة الذهب يرتفع مسجلا 3309 دولارات للأونصة عجلون: بيت البسكوت نكهات تراثية بأياد محلية تجارة الأردن تشيد بقرار تمديد مهلة توفيق الأوضاع لشركات الصرافة بالأسماء ... وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات 180 طبيب بيطري أردني يشرفون على ذبح أكثر من مليون رأس من الهدي في الحج بحث تطوير البنية التحتية لشبكة الإنترنت في سوريا من خلال الأردن رئيس الوزراء يفتتح توسعة مستشفى الأميرة إيمان الحكومي في دير علا تأثير كبير.. إليكم أهمية دور الآباء في تشكيل علاقة الطفل بالطعام دراسة جديدة عن "الزهايمر".. ماذا كشفت؟ كيف يؤثر التدخين على الحامل والجنين؟ أثناء فقدان الوزن.. حيلة بسيطة للاستمتاع بالكربوهيدرات مشروبات لا يُنصح بتناولها مع أدوية شائعة أطعمة ممنوع تسخينها مرة أخرى.. تعرف عليها كيف يدمر ارتفاع سكر الدم صحة الكلى.. تحذير عاجل

((إذا لم يتوفر الخبز للفقراء، لن يتوفر الأمن للأغنياء))

((إذا لم يتوفر الخبز للفقراء، لن يتوفر الأمن للأغنياء))
القلعة نيوز:
د: ابراهيم النقرش

((إذا لم يتوفر الخبز للفقراء، لن يتوفر الأمن للأغنياء))

في المجتمعات التي يتسع فيها الفارق بين الأغنياء والفقراء، يصبح الأمن مسألة مهددة لا تتوقف عند حدود الفقراء فقط، بل تمتد لتشمل الجميع. وكما يقال : "إذا لم يتوفر الخبز للفقراء، لن يتوفر الأمن للأغنياء". هذه العلاقة المعقدة بين الفقر والاستقرار ليست مجرد شعار، بل حقيقة اجتماعية، اقتصادية، وسياسية أثبتها التاريخ وتجارب الأمم.
عندما ينتشر الفقر، تتغير ديناميكيات المجتمع وروافعه السياسيه بشكل جذري، حيث يصبح البقاء هو الأولوية القصوى للأفراد، مما يؤدي إلى انتشار ظواهر اجتماعية سلبية تشويهيه للمجتمع مثل الجريمة والعنف المجتمعي والسياسي. الفقر يدفع البعض إلى ارتكاب الجرائم كوسيلة للبقاء ، سواء عبر السرقة أو تجارة المخدرات أو غيرها من الأنشطة غير المشروعة التي تهدد استقرار المجتمع بأكمله ( وهذا مانعاينه ونعانيه في مجتمعنا ) . إضافة إلى ذلك، يؤدي الفقر إلى تراجع مستوى التعليم، حيث يضطر الأطفال إلى ترك المدارس والبحث عن أعمال توفر لهم الحد الأدنى من المعيشة، مما يخلق أجيالًا تعاني من ضعف المهارات وعدم القدرة على المنافسة في سوق العمل. ومع الوقت، تتسع الهوة بين الطبقات الاجتماعية، ويتحول الإحساس بالإقصاء والتهميش إلى وقود للاحتجاجات والغضب الاجتماعي. كما أن الفقر يؤدي إلى تفكك الأسر وزيادة معدلات الطلاق والتشرد، مما ينعكس على الصحة النفسية والاجتماعية للأفراد. في المجتمعات التي تعاني من تفاوت اقتصادي حاد، تضعف قيم التضامن والتعاون، ويصبح العنف أداة تعبير عن الغضب والحرمان، مما يجعل الأمن مهددًا باستمرار,وهذا ماأسميه (تأكل البنيه التحتيه المجتمعيه).
الاقتصاد هو أحد أهم محركات الاستقرار وروافع البقاء للدول ، وعندما يعاني جزء كبير من السكان من الفقر، فإن الاقتصاد نفسه يصبح في خطر . انخفاض القدرة الشرائية للفقراء يؤدي إلى تراجع الطلب على السلع والخدمات، مما يحد من أرباح الشركات ويؤثر سلبًا على الإنتاج والاستثمار. علاوة على ذلك، فإن الفقر يؤدي إلى تفشي البطالة، حيث يصبح من الصعب على الفقراء الالتحاق بوظائف جيدة نتيجة ضعف مستوى التعليم والتأهيل. ومع ارتفاع معدلات البطالة، يزداد الاعتماد على المساعدات الحكومية، مما يرهق ميزانيات الدول ويؤدي إلى عجز مالي متزايد. وفي المجتمعات التي تعاني من فجوة اقتصادية كبيرة، يصبح السوق غير مستقر، حيث يتمركز المال في أيدي قلة، بينما تعاني الأغلبية من صعوبة تلبية احتياجاتها الأساسية. هذا التفاوت يولد أزمات اقتصادية، حيث يمكن أن يؤدي إلى انهيار الأسواق أو اضطرابات اجتماعية تؤثر على الاستثمار، ما يعرقل التنمية المستدامة ويجعل الأمن الاقتصادي مهددًا.
الفقر ليس مجرد مشكلة اقتصادية أو اجتماعية، بل هو عامل رئيسي في تحديد مدى استقرار الأنظمة السياسية. في البلدان التي تعاني من معدلات فقر مرتفعة، تتزايد احتمالات اندلاع الاحتجاجات الشعبية والثورات على صناع القرار السياسي، حيث يشعر الفقراء بالإحباط من سياسات الحكومات التي تفشل في تحسين أوضاعهم المعيشية. على مدار التاريخ، كانت الثورات الكبرى مدفوعة بالفقر والتفاوت الاقتصادي، حيث أدى غياب العدالة الاجتماعية إلى سقوط أنظمة حاكمة بسبب تفاقم الغضب الشعبي. حتى في الديمقراطيات المستقرة، يمكن أن يؤدي الفقر إلى صعود تيارات سياسية شعبوية تستغل معاناة الفقراء لتحقيق مكاسب سياسية، مما قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي. كما أن الأنظمة السياسية التي تفشل في تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية تفقد شرعيتها تدريجيًا، حيث تتآكل الثقة بين الحاكم والمحكوم. في مثل هذه الأوضاع، يصبح الفساد والمحسوبية وسيلتين للبقاء في السلطة، مما يؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ويجعل الأمن القومي مهددًا باستمرار.
لحل هذه الأزمة، لا بد من اتباع سياسات اقتصادية واجتماعية تحقق توزيعًا عادلًا للثروات، وتضمن للفقراء حقوقهم الأساسية في التعليم والصحة والعمل. يجب على الحكومات الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تساهم في خلق فرص عمل وتحسين الاقتصاد المحلي. كما أن فرض ضرائب عادلة على الفئات الأكثر ثراءً، وإعادة توجيهها نحو برامج الحماية الاجتماعية، يمكن أن يسهم في تقليل الفجوة الاقتصادية وتحقيق نوع من التوازن الاجتماعي. التعليم المجاني والجيد هو أيضًا عنصر أساسي في كسر دائرة الفقر، حيث يضمن تأهيل الأجيال القادمة للحصول على وظائف ذات دخل جيد، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. كذلك، يجب تحسين الأنظمة الصحية، وتوفير برامج دعم للفئات الفقيرة، حتى يتمكنوا من العيش بكرامة دون اللجوء إلى أنشطة غير قانونية تهدد الأمن العام. أما على الصعيد السياسي، فإن محاربة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة من أهم الوسائل لضمان توزيع عادل للموارد، وبناء مجتمع يشعر فيه الجميع بأنهم شركاء في التنمية. كما أن دعم الحوار بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص يمكن أن يسهم في وضع سياسات اقتصادية واجتماعية أكثر شمولية واستدامة.
في النهاية، لا يمكن تحقيق الأمن في ظل وجود فقر مدقع، لأن الجائع لا يخشى شيئًا، واليائس قد يلجأ إلى أي وسيلة للبقاء. لذا، فإن ضمان توزيع عادل للثروات، وتوفير حقوق أساسية للجميع، ليس مجرد مسألة إنسانية، بل هو ضرورة سياسيه لتحقيق الاستقرار. الأغنياء أنفسهم لن يكونوا آمنين في مجتمعات يسودها الفقر والتهميش، لأن الفقر يولد الغضب، والغضب يولد الفوضى التي تنتهي بالانفجار الشعبي. إذا أرادت المجتمعات الحفاظ على استقرارها، فعليها أن تبدأ بحل مشكلات الفقر والعدالة الاجتماعية، لأن الأمن ليس مجرد قوة شرطية أو قوانين صارمة، بل هو انعكاس مباشر لمدى تحقيق العدالة والإنصاف في المجتمع.