شريط الأخبار
الخارجية تتابع حادث سير تعرضت له عائلة أردنية في السعودية نائب الملك يزور إدارة مكافحة المخدرات ويشارك مرتباتها مأدبة الإفطار أسطورة ليفربول يهاجم إدارة النادي بسبب صلاح بوتين يتساءل: لا أدري لماذا يصفون مجموعة "السبع" بالكبرى وهي بالكاد تظهر على الخارطة صدام الذكريات.. الزاكي بادو يواجه المغرب في مباراة هامة بتصفيات كأس العالم رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي: الشركات الأوروبية مهتمة بالعودة إلى روسيا تحذيرات من هجمات صاروخية أوكرانية في مقاطعة بيلغورود تزامنا مع مكالمة بوتين وترامب مصر.. تعليق لوزير الرياضة حول مباراة القمة يثير غضب الأهلاوية الأمن العام يجدّد تحذيراته من الانجرار وراء حسابات وهمية خارجية تحاول إثارة الفتنة والنّعرات العنصرية السفيرة د. جادو شكعه تلتقي ممثلين عن الجاليات العربية ردود فعل دولية منددة باستئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة القبض على 13 تاجراً للمخدرات خلال التعامل مع عدد من القضايا النوعية رئيس الوزراء يعلن عن إطلاق مسار للباص سريع التردد بين مادبا وعمان د. تيسير الجراح مدير تربية قصبة اربد في ذمة الله "الشفاء الطبي في غزة": الطواقم الطبية غير قادرة على التعامل مع الشهداء والمصابين بالأسماء ... وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات الشخصية جلسة لمجلس الوزراء في محافظة مأدبا اليوم الهميسات يسأل رئيس الوزراء عن آلية تعيين مدير شركة الاستثمارات الحكومية وراتبه العرموطي يفتح ملف شركات الوساطة المالية و"التداول".. ويمطر الحكومة بـ(21) سؤالا المخرجة المصرية السورية تثير غضب المصريين ومطالبات بسحب جنسيتها بعد انتقادها للآثار الفرعونية

كميل سري الدين قامةٌ لبنانيةٌ بالعطاء والريادة

كميل سري الدين قامةٌ لبنانيةٌ بالعطاء والريادة
الدكتور نضال العنداري
هناك رجالٌ يمرّون في الدنيا عابرين، لا يُحدثون أثرًا ولا يتركون ذكرى، وهناك رجالٌ كُتب لهم أن يكونوا مناراتٍ مضيئة وملهمة للأجيال وتُخلّد أسماؤهم في صفحات التاريخ.
رجالٌ جعلوا من الكرامةِ نهجًا ومن العطاءِ رسالة ومن النجاحِ وسيلةً لا غاية وحيثما حلّوا فهم بناةً، سادةً، وداعمي لا خيرٍ..
واللبناني الشيخُ كميل سري الدين هو أحد الشخصيات الذين خاضوا معركة الحياةِ ليس فقط بذكاءِ التاجر بل أيضًا بإنسانيّته وشهامته وصدقِ الرسالة.
وفي كل خطوة كان كميل يؤمن بأن المال ليس غاية، وإنما وسيلةٌ لبناءِ مستقبلٍ أكثر إشراقًا، ومساندةِ من يحتاج، وردِّ الجميلِ للوطنِ مهما ابتعدت المسافات.
انه رجلٌ لم يُعرف فقط بما أسّسه من مشاريعٍ ناجحة بل بما غرسهُ في قلوبِ الناسِ من محبة وبما خطّهُ من مواقفَ لا تُنسى، حمل فيها همّ أبناء بلده، ودعمَ المغتربين، ورفعَ رايةَ الإنسانية أينما حل ورحل .
لم يكن مجرد رجل أعمال بل كان جسرًا بين النجاح والخير وبين الطموح والمسؤولية، وبين المجد والتواضع.
والحديث عن الشيخ كميل سري الدين، ليس سردًا لسيرةِ رجلٍ نجحَ في عالم التجارة فحسب، بل هو روايةُ كفاحٍ، وقصةُ التزام، وملحمةُ عطاءٍ ستبقى حيّةً ما دام الخيرُ يُروى بجهدِ الرجال العظام.
وُلِد الشيخ كميل سري الدين في لبنان في منتصفِ سبعينياتِ القرن الماضي حملَ طموحَه على كتفِه، وتركَ وطنه الأم متجهًا إلى أبوظبي، حيثُ بدأ خطوتهُ الأولى في عالمِ التجارة. كان شابًا طموحًا، لا يُرهبُهُ التحدي، ولا تُعيقه العقبات.
بدأ عملهُ في تجارة الرخام، واضعًا أسسًا متينةً لمشروعه، وسرعان ما أسَّس شركته التجارية التي سرعان ما أصبحت من كبارِ الشركاتِ المُورِّدةِ للرخام ومواد البناءِ من إيطاليا إلى الإمارات.
ولم يتوقف عند ذلك، بل وسّع أعماله لتشمل السيراميك، والمطابخ الجاهزة، والأخشاب، والمواد الأولية للبناء، مُواكبًا النهضةَ العمرانيةَ في الإمارات، حتى أصبح اسمُه علامةً فارقةً في عالمِ الأعمال.
لم يكن نجاحه في عالم التجارة وليد الصدفة، بل امتدادًا لرحلة كفاح بدأت في سنٍّ مبكرة. فهو ينتمي إلى بيت جبلي لبناني متواضع، تربَّى على قيم الشرف والكرامةو النخوة والاستقامة التي توارثها أبًا عن جدّ، وغرسها في أبنائه وأحفاده.
في منتصف الستينيات، حين اكتشف أن والده المهاجر إلى إفريقيا يواجه ضائقة مالية بسبب التقلبات السياسية هناك، قرر أن يتحمل المسؤولية، كونه الابن البكر. رغم عمله في طيران الشرق الأوسط، لم يكن راتبه يكفي لإعالة أسرته، فشدّ الرحال إلى إفريقيا في عام 1965 لمساندة والده. ومن هناك، بدأت مسيرته الحافلة بالتحديات والنجاحات، متنقلًا بين ليبيريا، البرازيل، وفنزويلا، قبل أن تستقرّ به الرحلة في أبوظبي.
أسس الشيخ كميل "شركة الديار للمقاولات العامة" في أبوظبي، والتي تُعد اليوم من أكبر شركات المقاولات في الإمارات، إذ يعمل فيها حوالي ألف موظف، وأكثرهم من عائلات الجبل ولبنان، في دلالة واضحة على التزامه بدعم أبناء وطنه وتأمين فرص العمل لهم.
لكن الشيخ كميل لم يكن يومًا تاجرًا بالمعنى التقليدي، بل كان رجلًا يرى النجاح الحقيقي في العطاء. لم يكن هدفُه فقط أن يُراكمَ الأرباح، بل أن يُضيء حياةَ الآخرين، وأن يكون جسرًا بين حاجاتِ الناسِ وإمكاناته.
فمنذُ أن وطأت قدماهُ الإمارات، لم ينسَ وطنه الأم، ولم ينسَ واجبَه تجاه أبناء وطنه ولعب دورًا رئيسيًا في دعم "بيت اليتيم الدرزي"، حيث كان صلةَ الوصلِ بين هذه المؤسسةِ ودولة الإمارات، لضمانِ تدفُّقِ المساعداتِ والدعم لها، ليس فقط بالمال، بل بالسعي الحثيث لضمان استمراريتها ونموها.
وكان ل زوجتهُ بدورها بصفتها عضوًا في لجنة سيدات بيت اليتيم الدرزي، مما جعلهما معًا من أبرزِ الداعمين لهذه المؤسسةِ التي تُعنى برعايةِ الأطفالِ المحتاجين.
وكان من المؤسسين والداعمين لمستشفى الجبل وساهم في إنشاء هذا الصرح الطبي ليكون عنوانًا للعناية الصحية ومساندة المحتاجين.
ولم تقتصر أياديه البيضاء على ذلك وحسب بل امتدت إلى كل زاويةٍ من زوايا الخير، فدعم مؤسساتٍ وجمعياتٍ لبنانيةٍ عديدة، ومدَّ يدَ العونِ للعديدِ من العائلاتِ المحتاجةِ، مؤمنًا بأن الإنسانَ لا يُقاسُ بثروتهِ، بل بقدرِ ما يُقدِّمهُ من خيرٍ للآخرين.
ولم يكن الشيخ كميل رجلَ أعمالٍ فحسب، بل كان صوتًا لأبناءِ الاغتراب، وقائدًا وسندًا لقضاياهم. ففي العام 2000، شارك في تأسيس مجلس العمل اللبناني في دبي بالتنسيق مع السفارة اللبنانية وانتُخِب نائبًا للرئيس حتى العام 2006 مؤكدًا على أهمية توحيد الجهود بين رجال الأعمال اللبنانيين في الإمارات.
أما في الإمارات، فقد كان له دورٌ كبيرٌ في دعمِ مؤسساتِ الجالية اللبنانية، فكان من المساهمين في بناء السفارة اللبنانية في أبوظبي ليؤكد أن الاغترابَ لا يعني القطيعة، بل هو فرصةٌ لتعزيزِ الروابطِ بين أبناء الوطن.
وله بصمات وحضورٌ استثنائي في عالم الأعمال وعرفته غرفة التجارة والصناعة في الإمارات فانتُخب كأول عربيٍّ عضوًا في مجلس إدارتها، ليؤكد أن النجاحَ لا تحدُّه حدودٌ، وأن الإبداعَ لا تحصرهُ جنسيةٌ أو هويةٌ. في بزبدين، حيثُ تمتدُّ جذورُه وتحوَّلت دارهُ إلى ملتقى للشخصياتِ البارزة واجتمعَ تحت سقفِها نخبةُ الرجالِ الذين يؤمنون بأن الكرامةَ والعطاءَ هما أكبرُ استثمارٍ في الحياة.
لم يكن كميل سري الدين مجرد اسمٍ في عالم الأعمال، بل كان ركيزةً أساسيةً في تمثيل الاغتراب اللبناني لإيمانه بأن الاغتراب ليس انقطاعًا عن الجذور، بل امتدادٌ لها، وتواصلٌ بين الوطن وأبنائه في أصقاع الأرض. كرئيسٍ للجنة الاغتراب في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز،
وحمل سري الدين هموم المغتربين وكان حلقة وصل بينهم و بين أرض الجبل وسعى لتوحيد الجهود، ومدّ الجسور، وتعزيز الروابط بين أبناء الطائفة في المهجر، ليكونوا يدًا واحدة، وقلوبًا تنبض بحب الوطن والتآزر بين أبنائه.
حاز الشيخ كميل على تكريماتٍ عديدةٍ، اعترافًا بإنجازاته، ليس فقط كرجلِ أعمالٍ ناجح، بل كإنسانٍ عاشَ ليترك أثرًا، وخاض الحياة ليُخلِّف وراءه إرثًا من العطاء والإنجاز.
ومن أراد أن يكتبَ عن النجاح فالكتابة عن كميل سري الدين وامثاله .
انه شخصية ليست مجردَ اسمٍ في عالمِ التجارة، ولا مجردَ شخصيةٍ اغترابية، بل هو مدرسةٌ ونموذج للتفاني، ورمزٌ في البذل والعطاء.
لقد ترك السيد كميل أثرًا لن يُمحى، لا في عالم الأعمالِ فحسب، بل في ذاكرةِ ووجدان من عرفه وفي صفحاتِ التاريخ التي لا تنسى الرجالَ .
إنها مسيرةٌ تُكتب وتنقش بماء الذهب وشهادةٌ للتاريخ وسيبقى سري الدين رمزًا للعطاء، ونموذجًا يحتذى به وشعلةً لا تنطفئ في سجلّ الرجال .