
سوسن الحلبي
كنت أحيا في منزلٍ صغيرٍ... مع أبي وأمي... وإخوتي الصغار... في بقعةٍ من أرض غزة الجميلة... تُدعى مخيم الأمل... حيث نزح إليه بعضٌ ممن أُجبروا على ترك أرضهم قديماً... ليحيوا ما تبقى لهم من حياةٍ بأمانٍ لحين عودتهم لأرض أجدادهم من جديد...
لكنّ عدونا لم يهدأ عند تلك الحدود... عاث بأرضنا فساداً في كل صوب... واشتعلت الحرب آخذةً معها كل ما بقي لنا من أمانٍ... وغاب الأمل عن مخيمنا وعن كل ما يحيط به...
جلست أرتجي خالقي بآخر أملٍ تبقى لدي... أن يحفظ لي أسرتي ويبقيهم سالمين... بعد أن انهالت الصواريخ على بيتنا والبيوت المجاورة له...
كانت النيران تستعر مبتلعةً كلّ ما تجده في طريقها... وكنت انظر إليهم بحرقةٍ... أبكي وأرتجي... لم أُرد البقاء وحيداً من دونهم في هذا العالم... لم أُرد لهم الهلاك... لكنّ الله إختارهم للشهادة... وكانت تلك رحمةً لهم بعد كل ذاك العناء...
أبي وأمي... ادعوا لي بأن ألتحق بكم... فقد ضقت ذرعاً بهذه الحياة... وما لآلامي خلاصاً... سوى شهادةٍ تزيل من قلبي كل تلك الجراح... أو نصرٍ ينثر في عمري الفرح من جديد... ويعيد لشعبنا المكلوم أغلى الآمال...